للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الكتابة من كره من الصدر الأول لقرب العهد، وتقارب الإسناد، لئلا يعتمده الكاتب فيهمله، أو يرغب عن حفظه والعمل به، فأما والوقت متباعد، والإسناد غير متقارب، والطرق مختلفة، والنقلة متشابهون، وآفة النسيان معترضة، والوهم غير مأمون، فإن تقييد العلم بالكتاب أولى وأشفى " (١).

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

٤٦٥ - (٣) أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: " يَا شِبَاكُ، أَرُدُّ عَلَيْكَ - يَعْنِى الْحَدِيثَ -، مَا أَرَدْتُ أَنْ يُرَدَّ عَلَيَّ حَدِيثٌ قَطُّ ".

رجال السند:

بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ، هو النيسابوري، وسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وابْنُ شُبْرُمَةَ، هو عبد الله، والشَّعْبِيُّ، هو عامر، هم أئمة ثقات تقدموا.

الشرح:

شِباك هو الضبي رجل أعمى من أصحاب الشعبي، ثقة مدلس، والمراد برد الحديث إعادته، ثم بين الشعبي، أنه يكره إعادة الحديث، وفيه شحذ لسرعة الفهم، ودقة الإصغاء، ولكن كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا سلّم سلّم ثلاثا، وإذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا (٢)، إذًا فلا حرج من رد الحديث ثلاثا، لما فيه من الإيضاح وفهم النص من غير زيادة ولا نقص، والتكرار، كرهه بعض أهل العلم، والصواب عدم الكراهة، بل أنه من السنة فقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعيد الكلام ثلاثا، حتى يفقه عنه، وعليه بوّب البخاري فقال: باب من أعاد الحديث ثلاثا ليفهم عنه باب (٣٠) والخبر رجاله ثقات.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

٤٦٦ - (٤) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَلَفٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ ابْنَ مَهْدِيٍّ، يَقُولُ سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ: " حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ بِحَدِيثٍ، فَلَقِيتُهُ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ فَأَخَذْتُ بِلِجَامِهِ (٣)، فَقُلْتُ: يَا أَبَا بَكْرٍ أَعِدْ عَلَىَّ الْحَدِيثَ الَّذِي حَدَّثْتَنَا بِهِ. قَالَ: وَتَسْتَعِيدُ


(١) تفسير القرطبي ١١/ ٢٠٧.
(٢) انظر البخاري حديث (٩٤).
(٣) أي: بلجام دابته.

<<  <  ج: ص:  >  >>