للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ورسوله وأولي الأمر؛ لأنه طوق عنقه بها، فلا يفك الطوق إلا أمر مشروع عليه من الله برهان.

قوله: «عَلَى ثَلَاثٍ: أَنْ نَأْمُرَ بِالْمَعْرُوفِ» هذا استثناء من وجوب طاعة ولي الأمر، فقد أوصى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- علماء الأمة من عهد الصحابة على قيام الساعة بألا يغلبهم الولاة فيمنعوا الأمر بالمعروف، وهو ما عرفه الشرع من الأقوال والأعمال وأمر به، وهو من فرائض الإسلام الكفائية، إن قام به من يكفي سقط عن الباقين، وإن لم يقم به من يكفي تعين على الجميع، لقول الله -عز وجل-: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (١)، وقوله -عز وجل-: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} (٢)، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لتأمرون بالمعروف ولتنتهون عن المنكر، أو ليسلطن الله عليكم شراركم فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم» (٣).

قوله: «وَنَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ» وكذلك النهي عن المنكر، وفق ما سلف، والمنكر ما أنكره الشرع من الأقوال والأعمال ونهى عنه.

أما كيفية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فحسب الاستطاعة، فإذا لم يستطع أحد ذلك، فليس مكلفا بذلك، إلا أنه لا بد أن ينكره بقلبك، وتعتزل أهله ويبتعد عنهم، وهذا مستنده قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» (٤).

أما الذين يحملون السلاح في وجوه المسلمين، ويقولون: هذا هو الأمر المعروف والنهي عن المنكر، فهذا فهم باطل ومذهب سلكه الخوارج وغيرهم.

قوله: «وَنُعَلِّمَ النَّاسَ السُّنَنَ» هذا غرار ما تقدم آنفا برقم ٥٥٤.


(١) الآية (١٠٤) من سورة آل عمران.
(٢) الآية (١٢٢) من سورة التوبة.
(٣) البحر الزخار حديث (٨٥١٠).
(٤) مسلم حديث (٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>