قوله:«مَنْ أَكَلَ فَلْيَتَخَلَّلْ، فَمَا تَخَلَّلَ فَلْيَلْفِظْ، وَمَا لَاكَ بِلِسَانِهِ فَلْيَبْتَلِعْ» في هذا توجيه إلى الحرص على نظافة الفم، فلا يبقى فيه ما يدعو لرائحة كريهة أو تكاثر الأشياء الضارة، ثم قال:«فَمَا تَخَلَّلَ فَلْيَلْفِظْ» فيه توجيه طبي فإن من يتخلل لابد وأن يخرج من دم اللثة ما لوا ابتلعه لأضر به، ولذل أمر -صلى الله عليه وسلم- بأن يلفظ، ثم قال:
«وَمَا لَاكَ بِلِسَانِهِ فَلْيَبْتَلِعْ» لأنه آمن من خروج الدم ولو وُجد فيه الدم لشعر بذلك ولفظه.
قوله:«مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ، وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ» هنا لفتة هامة وهي أن الخلال ليس بالضرورة أن يخرج معه دم اللثة، ولاحتمال أن المضمضة تذهب بقايا الطعا، ولو تيقن خروج الدم لحرم بلعه.
قوله:«مَنْ أَتَى الْغَائِطَ فَلْيَسْتَتِرْ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إِلاَّ كَثِيبَ رَمْلٍ فَلْيَسْتَدْبِرْهُ» المراد بالغائط مكان قضاء الحاجة، وهو ما انخفض من الأرض، أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المرتاد أن يحتجب عن أنظار الناس، فلا يكشف ستره بأي سبب، وليبالغ في الستر ما أمكنه ذلك، ولو بكثيب من الرمل.
قوله:«فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ يَتَلَاعَبُونَ بِمَقَاعِدِ بَنِي آدَمَ» لعل المراد أن من لم يفعل ذلك فالشيطان يُجري ما يضره في طهارته، ككشف العورة للناظرين، أو إحداث ريح تصيبه برذاذ البول وغير ذلك.
قوله:«مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ، وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ» هذا فيه نظر، ولاسيما والخبر في سنده كلام، وفي هذا مخالفة لما ورد من الأمر بالاستتار، وعدم تمكين الشيطان من العبث والإفساد، وقد ثبت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يبعد حتى يتوارى عن الأنظار، انظر ما تقدم برقم ٦٨٠ - (١)، ٦٨١ - (٢) وقد مر النبي -صلى الله عليه وسلم- بحائط من حيطان المدينة،