للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

«فَلَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ وَلَا بَوْلٍ» هذا نهي عن الاتجاه إلى جهة القبلة في حال قضاء الحاجة وسماه غائطا تنزها عن ذكر ما يخرج من الدبر، وعطف عليه قضا حاجة البول وهو ما يخرج من القبل، وهذا حث على تعظيم القبلة في هذه الحال، وهذا يتأيد بقول الله -عز وجل-: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} (١)، وهذا على العموم في كل مكان يرتاد لقضاء الحاجة سواء في الصحراء أو في البنيان، وهذا رأي أبي أيوب ومن أخذ به، وقال عبد الله بن عمر: " لقد ظهرت ذات يوم على ظهر بيتنا، فرأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قاعدا على لبنتين مستقبل بيت المقدس " (٢)، فأخذ ابن عمر رضي الله عنهما من حديث أبي أيوب خصوص الصحراء، وأنه لا يجوز فيها الاستقبال والاستدبار، ومن فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- جواز ذلك في البنيان، والأحوط الأخذ بالعموم، وألا تبنى المراحيض في المنازل باتجاه القبلة بل بعكس الاستقبال والاستدبار، ومن بلي في غير منزله بما يخالف ذلك فليعمل عمل أبي أيوب -رضي الله عنه-.

قوله: «وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا» هذا نهي عن استدبار القبلة فيقال فيه ما قيل في الاستقبال.

قوله: «فَقَدِمْنَا الشَّامَ فَوَجَدْنَا مَرَاحِيضَ قَدْ بُنِيَتْ عِنْدَ الْقِبْلَةِ» هذا قول أبي أيوب -رضي الله عنه-، والمراد أن أماكن قضاء الحاجة مبنية بحيث يكون من يقضي الحاجة مستقبل القبلة، وهو ما وردعنه النهي، فأخذ بقول الله -عز وجل-: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (٣)، ولذلك قال -رضي الله عنه-: «فَنَنْحَرِفُ وَنَسْتَغْفِرُ اللَّهَ» وهذا هو الأحوط.

ما يستفاد:

* تعظيم شعائر الله -عز وجل-.

* تنزيه القبلة واحترامها بعدم استقبالها أو استدبارها حال قضاء الحاجة.


(١) الآية (٢٢) من سورة الحج.
(٢) البخاري حديث (١٤٩).
(٣) من الآية (١٦) من سورة التغابن.

<<  <  ج: ص:  >  >>