للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأى النَّارَ أيضاً (١) والقرآن يدلُّ على ذلك كما قال تعالى: ﴿أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾ [البقرة: ٢٤] والإعداد بمعنى: التهيئة والفعل ماضٍ، فيقتضي: أن الإعداد حاصل الآن.

الوجه الثاني: هل هي مؤبَّدة أو مؤمَّدة؟ يعني: هل تفنى أو هي دائمة أبد الآبدين؟

الجواب: المتعيِّن قطعاً أنها مؤبَّدة، ولا يكاد يُعرف عند السَّلفِ سوى هذا القول، ولهذا جَعَله العلماء مِن عقائدهم؛ بأن نؤمن ونعتقد بأن النار مؤبَّدة أبد الآبدين، وهذا أمرٌ لا شَكَّ فيه؛ لأن الله تعالى ذَكَرَ التأبيد في ثلاثة مَواضع مِن القرآن في سورة «النساء» في قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا *﴾ ﴿إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾ [النساء: ١٦٨، ١٦٩].

والثاني في سورة «الأحزاب» في قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا *﴾ ﴿خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾ [الأحزاب: ٦٤، ٦٥].

والثالث في سورة «الجن» في قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾ [الجن: ٢٣]، ولو ذَكَرَ اللَّهُ ﷿ التأبيد في موضعٍ واحد لكفى، فكيف وهو قد ذَكَرَه في ثلاثة مواضعٍ؟ ومِن العجب أن فِئةً قليلة مِن العلماء ذهبوا إلى أنها تفنى بناءً على عِللٍ عَليلة؛ لمخالفتها لمقتضى الكتاب والسُّنَّة، وحَرَّفوا مِن أجلها الكتابَ والسُّنَّةَ فقالوا: إن ﴿خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾ ما دامت موجودة. فكيف هذا؟!!


(١) تقدم تخريجه ص (١٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>