الرجل أسقطه، لكن لو قال: أنا أسقطته بعوض، فإما أن تعطوني العوض، وإلا فأنا أريد إقامة الحد على القاذف، نقول له: لا نعطيك عوضاً، ولا نقيم لك الحد؛ لأنك أسقطته.
وكذلك الشفعة؛ لأنه أسقطها، وليس له عوض؛ لأن العوض على ترك الشفعة غير صحيح.
والصحيح أنه كما قلنا: تجوز المصالحة بعوض عن إسقاط الشفعة.
وأما بالنسبة للقذف فتقدم حكم الصلح عنه، لكن للمقذوف أن يطالب بحقه إذا علم أن الصلح غير صحيح؛ لأنه أسقطه بناء على أن الصلح صحيح وأنه سيأخذ عوضاً عنه، فإذا لم يكن هناك عوض فلا يمكن أن يفوت حقه بالمطالبة بحد القاذف.
قوله:«وإن حصل غصن شجرته في هواء غيره أو قراره أزاله» بدأ المؤلف بذكر شيء من حقوق الجار، وإنما ذكر الفقهاء حقوق الجار في هذا الباب؛ لأن الغالب أن النزاعات التي تكون بين الجيران تحل عن طريق المصالحة؛ لهذا ذكروا أحكام الجوار في هذا الباب، ولها مناسبة أخرى فيمكن أن تكون في آخر الفقه لكن هنا رأوا أنه أنسب، ومن المعلوم أن الجار له حق كما قال الله ـ تعالى ـ: ﴿وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ﴾ [النساء: ٣٦]، فإن كان مسلماً قريباً كان له ثلاثة حقوق: حق الإسلام، وحق القرابة، وحق الجوار، فإن كان مسلماً غير قريب، فله حقان حق الإسلام، وحق الجوار، وإن كان كافراً غير قريب فله حق واحد، وهو حق الجوار.