قوله:«ويُكره للإِمامِ قراءةُ سجدة في صلاة سر وسجوده فيها».
الكراهة عند المتأخرين: تُطلق على ما يُثاب تاركُهُ امتثالاً، ولا يُعاقب فاعلُهُ.
وتُطلق في عُرْفِ المتقدِّمين على التَّحريم. فإذا رأيتَ في كلام النَّبيِّ ﷺ والصَّحابةِ والتابعين «أَكْرَهُ» فهو للتَّحريم. وحتى في القرآن الكريم، قال الله تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً﴾ [الإسراء: ٢٣] ثم ذَكَرَ أشياءَ كثيرةً مأمورات ومنهيَّات، ثم قال: ﴿كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا *﴾ وهي حرامٌ بلا شَكٍّ.
ووجه الكراهة: أن الإمام إذا قرأ سجدةً في صلاة السِّرِّ فهو بين أمرين، إمَّا أن يقرأ الآية، ولا يسجد فَيُفَوِّت على نفسِهِ الخيرَ، وإمَّا أنْ يقرأها ويسجدُ فيُشوِّشُ على مَنْ خلفَه، ولكن هذا تعليل عليل؛ لأن الكراهة حكمٌ شرعيٌّ يحتاج إلى دليلٍ من السَّمع، أو تعليلٍ مبنيٍّ على نظر صحيح تقتضيه قواعد الشرع.
أما قولهم: إما أنْ يقرأها ويتركَ السُّجودَ، فنقول: حتى لو تَرَكَ السُّجودَ فإن ذلك لا يقتضي الكراهةَ؛ لأنَّ تَرْكَ المَسنون ليس مكروهاً، وإلا لقلنا: إنَّ صلاتنا في غير النِّعال مكروهة. ولقلنا: إنَّ الإنسان إذا لم يرفع يديه عند تكبيرة الإحرام فقد فعل مكروهاً. ولقلنا: إن الإنسان إذا لم يجهر في الجهرية فقد فعل مكروهاً.