هذا الفصل عقده المؤلف لبيان عدد الشهود، وعدد الشهود إما أن يكون أربعة، أو ثلاثة، أو اثنين، أو واحداً، أو رجلاً وامرأتين، أو رجلاً واحداً ويمين المدعي، كل هذا سيذكره المؤلف، فالذي لا بد فيه من أربعة هو الزنا، قال ﵀:
«ولا يقبل في الزنا والإقرار به إلا أربعة» قوله: «أربعة» مؤنثة فيكون المعدود مذكراً، يعني إلا أربعة رجال، فالزنا لا يقبل فيه إلا أربعة رجال، دليل ذلك قوله تعالى: ﴿لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ﴾، أي: الأربعة، ﴿فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ﴾ [النور: ١٣]، فلو شهد ثلاثة وتوقف الرابع فإن الشهادة لا تتم، ونجلد أولئك الشهود الثلاثة حد القذف، أما المتوقف فإننا لا نجلده ولكن لنا أن نعزره، فلو جاء أربعة يريدون أن يشهدوا على رجل بزنا، وسبق أنه لا بد من التصريح بالزنا، فصرح ثلاثة، قالوا: رأينا ذكر الرجل في فرج هذه المرأة، أما الرابع فتوقف، فإن الثلاثة الأولين قذفة يجلدون كل واحد ثمانين جلدة، والرابع يعزر؛ لأنه لم يصرح بالزنا.
ولو شهدت ثماني نساء لا تقبل شهادتهن؛ لأنه لا مدخل للنساء في الحدود، فالحدود لا يقبل فيها إلا شهادة الرجال فقط، ولو شهد أربعة غير بالغين فلا تقبل شهادتهم لفوات الشرط وهو البلوغ.
وقوله:«والإقرار به» الإقرار بالزنا لا بد فيه من أربعة رجال يشهدون بأن فلاناً أقر بالزنا عندهم، فلا يقبل رجلان ولا ثلاثة؛