للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مذابح كمذابح النَّصارى (١) أي: المحاريب، فهذا النَّهيُ فيما إذا اتُّخِذَت محاريب كمحاريب النَّصارى، أما إذا اتُّخِذت محاريب متميّزة للمسلمين، فإن هذا لا نهي عنه.

وعُلِمَ من كلامه: أنه لو وجد محاريبَ غير إسلاميَّة لم يَعملْ بها؛ لأنه لا يُوثق ببنائهم، كما أنه لا يُوثق بكلامهم في مسائل الدِّين، وإلا فيُمكن أن يُقال: إنَّ المعروف عند غير المسلمين من أهل الكتاب أنهم يتَّجهون إلى بيت المقدس، فإذا وجدنا محاريبَ لهم متَّجهة إلى بيت المقدس، ونحن مثلاً في جهة بين بيت المقدس وبين الكعبة فإننا نعرف أن القِبْلة في استدبار محاريبهم، ولكننا لا نثق بمحاريبهم؛ لأننا نخشى أن يكونوا قد بدَّلُوا أو غيَّروا، فلهذا قيَّدَ المؤلِّف هذا بقوله: «أو وَجَدَ محاريبَ إسلاميَّة».

قال في «الرَّوض» (٢): «لأنَّ اتفاقهم عليها مع تكرار الأعصار إجماع عليها، فلا تجوز مخالفتُها حيثُ عَلِمَهَا للمسلمين».

وَيُسْتَدلُّ عَلَيْهَا في السَّفَرِ بالقُطْبِ ..........

قوله: «ويُستدلُّ عليها في السَّفرِ بالقُطْبِ»، هذا هو الثَّالث مما يُستدلُّ به على القِبْلة: القُطْب؛ وهذا دليل آفاقي، أي: دليل


(١) روى ابن أبي شيبة في «مصنفه»، كتاب الصلوات: باب الصلاة في الطاق، رقم (٤٦٩٩) عن أبي إسرائيل، عن موسى الجهني عن النبيِّ : «لا تزال أمتي بخير ما لم يتَّخذوا في مساجدهم مذابح كمذابح النصارى».
وهذا إسناد ضعيف، موسى الجهني لم يسمع أحداً من الصحابة؛ فضلاً عن النبيِّ وأبو إسرائيل فيه ضعف.
وروى ابن أبي شيبة، «الموضع السابق» عن إبراهيم النخعي قال: قال عبد الله بن مسعود : «اتقوا هذه المحاريب»، وكان إبراهيم لا يقوم بها.
(٢) انظر: «الروض المربع» (١/ ١٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>