للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يُقْتَلُ حتى يُستتاب ثَلَاثاً فِيهِما.

قوله: «وَلَا يُقْتَلُ حتى يُستتاب ثَلاثاً فِيهِما»، أي: لا يقتل من جَحَد وجوب الصَّلاة أو تركها تهاوناً وكسلاً «حتى يُستتاب»، أي: يستتيبه الإمام أو نائبه ثلاثة أيام، فيقول له: تُبْ إلى الله وصَلِّ وإلا قتلناك.

وهذه المسألة، فيها خلافٌ بين أهل العلم، وعن الإمام أحمد روايتان (١)، هل يُستتابُ كلُّ مرتد أم لا؟ والمذهب: أن المرتدين قسمان (٢):

قسم لا تقبل توبتهم، فهؤلاء لا يُستتابون لعدم الفائدة وهم: من سَبَّ الله، أو رسوله، أو تكرَّرت رِدَّتُه، فإن هذا يُقتل حتى لو تاب. والصَّحيح: أنَّه تُقبل توبتهم؛ لعموم الأدلة الدَّالة على قَبُول الله تعالى التَّوبة من كلِّ ذنب؛ بل في خُصوص المستهزئين بالله وآياته ورسوله كما قال تعالى: ﴿قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ *﴾ [الزمر]، وقال في المستهزئين: ﴿لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً﴾ [التوبة: ٦٦]. لكن من سَبَّ الرَّسول قُتِلَ وجوباً وإِنْ تابَ؛ لأنه حَقُّ آدميٍّ فلا بُدَّ من الثَّأر له .

والقسم الثاني من المرتدين تُقبل توبتهم، وفي استتابتهم روايتان (٣):


(١) انظر: «الفروع» (٦/ ١٦٩)، «الإنصاف» (٢٧/ ١١٤ ـ ١١٨).
(٢) انظر: «الإقناع» (٤/ ٢٩١، ٢٩٣).
(٣) انظر: «الإنصاف» (٢٧/ ١١٤ ـ ١١٨)، «الإقناع» (٤/ ٢٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>