فإذا صدقته المرأة فلا طلاق، إلا إن حاكمته عند المحكمة وقال القاضي: أنت ما قلت: إن قُمتِ، وأنا أحكم عليك بالظاهر، والقاضي إنما يقضي بنحو ما يسمع، فتطلق زوجتك، أما إذا صدقته المرأة، وقالت: نعم، الرجل أراد إن قمت، ولكن لم يتكلم به، فإن قوله يكون مقبولاً، والمرافعة حرام، لكن إن غلب على ظنها أنه كاذب فإنه يجب عليها أن ترفعه للحاكم، وإن ترددت فهي مخيرة، والأولى أن تتركه؛ لأن الطلاق مكروه.
وكذلك لو دخل على زوجته وقال: أنت طالق، ثم بعد ذلك قال: أنا قلت: أنت طالق؛ لأن فلاناً حدثني أنك تكلمين فلاناً بالهاتف، ولما تبين أنك لم تكلميه فلا طلاق، نقول: لا يقبل حكماً، لكن فيما بينه وبين الله يُدَيَّن، أما لو قيل له: إن زوجتك تغازل فلاناً، فقال: هي طالق، ثم تبين أنها لم تغازله فيقبل قوله لوجود قرينة تدل على ذلك.
وكذلك ـ أيضاً ـ لو سأل مفتياً، وقال له: لو طلقت زوجتي بلفظ كذا وكذا، فقال له المفتي: تبين منك زوجتك، فأقر بأنه أبان زوجته بناء على الفتوى فما تَبِين؛ لأنه إنما أقر بناء على فتوى، لا على ما في نفسه وقلبه.
فتبيَّن أن السبب يخصص العموم ويقيد المطلق، فإذا قال: أنت طالق بناء على سبب من الأسباب فإنها لا تطلق، ثم إن كان السبب مقروناً بالكلام قبل حكماً، وإن لم يكن مقترناً بالكلام لم يقبل حكماً.