قوله:«متراخياً عنه في مجلسه، فإن اشتغلا بما يقطعه بطل» متراخياً: هذا حال من القبول، يعني أن القبول يجوز أن يكون عقيب الإيجاب، ويجوز أن يكون متراخياً عنه، أما كونه جائزاً عقيب الإيجاب فالأمر واضح، كأن يقول: بعتك هذا بعشرة، ويقول المشتري: قبلت، فالقبول هنا أعقب الإيجاب وهذا لا إشكال فيه، ويجوز أن يتراخى عن الإيجاب، فيقول: بعتك هذا بعشرة، ثم يسكت المشتري يفكر؛ لأن الإنسان قبل أن يبتاع الشيء يجد في نفسه رغبة فيه، فإذا قال: بعتك، ربما يتريث وتزول هذه الرغبة، وأحب شيء إلى الإنسان ما مُنِعَ، ولهذا تجد الصيادين الذين يصيدون الطيور قبل أن يرمي الطير يكون عنده رغبة في هذا الطير، فإذا رماه وسقط على الأرض صار لا يساوي شيئاً عنده، وهذه السلع التي في يد البائع، إذا قال: هل تبيعني هذا الشيء بعشرة؟ قال: نعم أبيعه بعشرة، فهنا لو تأخر القبول فلا بأس، لكن نقول: إذا تراخى عنه فلا بد من شروط:
الأول: أن يكون في مجلسه.
الثاني: ألا يتشاغلا عنه بما يقطعه.
الثالث: أن يطابق القبول الإيجاب.
أما كونه في المجلس فهو احتراز مما لو كان في غير المجلس، بأن قال: بعتك هذه السلعة بعشرة ثم تفرقا ثم رجع، وقال: قبلت فلا يصح هذا القبول لتغير المجلس.
وكذلك لو تشاغلا بما يقطعه بأن قال: بعتك هذه السيارة بثلاثين ألفاً، فقال: مررت اليوم بالكلية، ووجدت فلاناً ناجحاً،