للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنده قليلاً لكنه متنعِّمٌ في بيته، قد بارك اللهُ له في مالِهِ، ولا تكون البركةُ عند شخصٍ آخرَ أكثرَ منه مالاً؟ وأحياناً تُحِسُّ بأن الله باركَ لك في هذا الشيء بحيث يبقى عندك مُدَّةً طويلةً.

وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ ........

قوله: «وقِنِي شَرَّ ما قضيتَ» ما قَضَاهُ الله ﷿ قد يكون خيراً، وقد يكون شرًّا، فما كان يُلائمُ الإنسانَ وفِطرتَه فإن ذلك خير، وما كان لا يُلائِمه فذلك شرٌّ، فالصِّحَّةُ والقوةُ والعِلْمُ والمالُ والولدُ الصَّالحُ وما أشبه ذلك خير، والمَرَضُ والجهل والضَّعف والولد الطالحُ وما أشبه ذلك شرٌّ؛ لأنه لا يُلائم الإنسانَ.

وقوله: «ما قضيت» «ما» هنا بمعنى الذي، أي: الذي قضيتُه، ويجوز أن تكون مصدريَّة، أي: شَرَّ قضائِكَ.

والمراد: قضاؤه الذي هو مقضيَّه؛ لأن قضاءَ الله الذي هو فِعْلُه كلُّه خير. وإنْ كان المقضيُّ شرًّا؛ لأنه لا يُراد إلا لحكمةٍ عظيمةٍ، فالمرضُ مثلاً قد لا يَعرفُ الإنسانُ قَدْرَ نِعمة الله عليه بالصِّحَّة إلا إذا مَرِضَ، وقد يُحْدِثُ له المرضُ توبةً ورجوعاً إلى الله، ومعرفةً لِقَدْرِ نفسِهِ، وأنه ضعيفٌ، ومُحتاجٌ إلى الله ﷿، بخلاف ما لو بقيَ الإنسانُ صحيحاً معافى، فإنه قد ينسى قَدْرَ هذه النِّعمة، ويفتخرُ كما قال الله تعالى: ﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ *وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ *﴾ [هود].

فإن قال قائلٌ: كيف نجمعُ بين قوله: «قِني شرَ ما قضيتَ»

<<  <  ج: ص:  >  >>