للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا اسْوَدَّ جُنْحُ اللَّيلِ فَلْتَأْتِ ولْتَكُنْ

خُطَاكَ خِفَافاً، إنَّ حُرَّاسنا أُسْدَا (١)

وعلى هذه اللُّغة لا يضرُّ نصب «رسول» إذا اعتقد القائل أنها خبر «إن»، والمؤذِّنون يعتقدون أن «رسول الله» هو الخبر.

ولو قال: «حيَّا على الصَّلاة» فعلى اللُّغة المشهورة ـ وهي أنَّ اسم الفعل لا تلحقه العلامات ـ فهذا لا يتغيَّر به المعنى فيما يظهر، وحينئذ يكون الأذان صحيحاً؛ لأنَّ غايته أنه أشبع الفتحة حتى جعلها ألفاً.

وَيُجْزِئُ مِنْ مُمَيِّزٍ .................

قوله: «ويُجْزِئُ من مُمَيِّز»، يُجزئ: الفاعل يعود على الأذان.

والمميِّز: من بلغ سبعاً إلى البلوغ، وسُمِّيَ مميِّزاً لأنه يميِّز فيفهم الخطاب ويردُّ الجواب. وقال بعضُ العلماء: إن المميِّز لا يتقيَّد بسنٍّ، وإنما يتقيَّد بوصف (٢).

فالذين قالوا: إنه يتقيد بسنٍّ؛ استدلوا بقول النبيِّ : «مُرُوا أبناءَكم بالصَّلاة لسبعِ، واضربُوهم عليها لعشرٍ» (٣)، فجعل أوَّلَ سِنٍ يُؤمر به الصبيُّ سبعَ سنين، وهذا يدلُّ على أنه قبل ذلك لا يصحُّ توجيه الأمر إليه، فقد يُقال: لأنه لا يفهم الأمر، وقد يُقال: لأنه لا يحتمل الأمر، فإن قلنا بالعِلَّة الأُولى صارت سبعَ السنين هي الحَدُّ للتَّمييز، وإن قلنا بالثَّانية لم يكن ذلك حَدًّا للتَّمييز.


(١) انظر: «مغني اللبيب» (١/ ٣٧).
(٢) انظر: «الإنصاف» (٣/ ١٩).
(٣) تقدم تخريجه ص (١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>