قوله:«وأن يؤم أجنبية فأكثر لا رجل معهن» أي: يُكرَه أنْ يؤمَّ أجنبيةً فأكثر. والأجنبيةُ مَن ليست مِن مَحارِمِهِ.
وكلامُ المؤلِّف يحتاجُ إلى تفصيل:
فإذا كانت أجنبيةٌ وحدَها، فإن الاقتصار على الكراهة فيه نَظَرٌ ظاهرٌ إذا استلزم الخَلوةَ، ولهذا استدلَّ في «الرَّوض» بأن النَّبيَّ ﷺ نَهى أنْ يخلوَ الرَّجُلُ بالأجنبيةِ (١) ولكننا نقول: إذا خَلا بها فإنَّه يحرُمُ عليه أن يَؤمَّها، لأنَّ ما أفضى إلى المُحَرَّمِ فهو محرَّمٌ.
أما قوله:«فأكثر» أي: أن يَؤمَّ امرأتين، فهذا أيضاً فيه نَظَرٌ مِن جهة الكراهة. وذلك لأنَّه إذا كان مع المرأة مثلُها انتفت الخَلوة، فإذا كان الإِنسانُ أميناً فلا حَرَجَ أن يؤمَّهُمَا، وهذا يقع أحياناً في بعضِ المساجدِ التي تكون فيها الجماعةُ قليلةٌ، ولا سيَّما في قيامِ الليلِ في رمضان، فيأتي الإِنسانُ إلى المسجدِ ولا يجدُ فيه رِجالاً؛ لكن يجدُ فيه امرأتين أو ثلاثاً أو أربعاً في خَلْفِ المسجدِ، فعلى كلام المؤلِّفِ يُكره أنْ يبتدئَ الصَّلاةَ بهاتين المرأتين أو الثلاث أو الأربع.
والصحيح: أن ذلك لا يُكره، وأنَّه إذا أمَّ امرأتين فأكثر،
(١) أخرجه البخاري، كتاب النكاح، باب لا يخلونّ رجل بامرأة إلا ذو محرم (٥٢٣٣)؛ ومسلم، كتاب الحج، باب سفر المرأة مع محرم إلى الحج وغيره (١٣٤١) (٤٢٤).