للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[((تتمة)) في آداب الأكل والشرب من الروض المربع]

يجب علينا أن نعلم نعمة الله ﷿ علينا بالأكل والشرب في تيسيره وتسهيله، حتى وصل إلينا، وقد أشار الله ـ تعالى ـ إلى هذه النعم في سورة الواقعة، فقال ﷿ بعد أن ذكر المادة التي خُلِق منها الإنسان، وذكر المواد التي يقوم بها الإنسان: ﴿أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ *أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ *﴾ [الواقعة] الجواب: بل أنت يا ربنا، ﴿لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ *﴾ [الواقعة] أي لو نشاء لنبت الزرع ونما واستتم، ثم جعله الله حطاماً، بما يُرسَل عليه من العواصف، أو القواصف، وهذا أشد في الحسرة، من كونه لا ينبت، يعني أن الله لم يقل: لو نشاء لم ينبت، بل قال: ﴿لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا﴾ وهذا أشد؛ لأن تعلق النفس به بعد أن نما واستتم أشد من تعلقها به وهو بذر ﴿إِنَّا لَمُغْرَمُونَ *بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ *أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ *﴾ والطعام لا يكون إلا بماء ﴿أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ *﴾ الجواب: بل أنت يا ربنا ﴿لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا﴾ [الواقعة: ٧٠] ولم يقل: لو نشاء لم ننزله من المزن؛ لأن كون الماء بين يديك، ولكن لا تستطيع أن تشربه لكونه أجاجاً أشد حسرة ﴿فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ﴾ ﴿أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ *﴾ ويصلح بها الطعام ﴿أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُونَ *﴾ [الواقعة] الجواب: بل أنت يا ربنا.

اذكر هذه النعم، قبل أن تذكر نعمة الله عليك بالأكل والشرب، ثم اذكر نعمة الله عليك بأنك تسيغ الأكل، ويسهل عليك، وتتلذذ به مذاقاً، وتتلذذ به مقراً في المعدة، وتتلذذ به إخراجاً، نعمٌ عظيمة، ألم يكن في الناس من لا يستطيع أن يسيغ اللقمة أو التمرة؟ بلى، فاحمد الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>