للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبناءً على ذلك؛ لا يُشترط له طهارة، ولا سترُ عورة، ولا استقبالُ قِبلة، فيجوز أن يسجد ولو كان محدثاً حَدَثاً أصغر، بل ولو كان محدثاً حَدَثاً أكبر إنْ قلنا بجواز القراءة للجُنب، والصَّحيح: أنه لا يجوز للجُنب قراءة القرآن (١)، ومن طالع كلام شيخ الإسلام في هذه المسألة تبيَّنَ له أن القول الصَّواب ما ذهب إليه من أن سجود التِّلاوة ليس بصلاة، ولا يُشترط له ما يُشترط للصَّلاة، فلو كنتَ تقرأ القرآن عن ظهر قلب وأنت غير متوضئ، ومررت بآية سجدة، فعلى هذا القول تسجد ولا حرج، وكان ابن عُمر مع شِدَّة وَرَعِهِ ـ يَسجدُ على غيرِ وُضُوءٍ (٢) لكن الاحتياط أن لا يسجد إلا متطهِّراً.

يُسَنُّ للقَارِئِ ..........

قوله: «يسن للقارئ» يفيد أن سُجود التِّلاوة ليس بواجب، وإنما هو سُنَّة؛ وهذه المسألة محلُّ خِلاف بين أهل العِلْمِ.

فَمِنهم مَن قال: إنَّ سجود التِّلاوة واجب؛ لأنَّ الله أَمَرَ به، وذمَّ مَن تَرَكه، فقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ﴾ [الحج: ٧٧] فأمَرَ بالسُّجودِ. وقال تعالى: ﴿وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمْ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ *﴾ [الانشقاق] فذمَّهم لعدم السُّجود. وامتدح السَّاجدين فقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ *﴾ [الأعراف] قالوا: وهذا يدلُّ على أنَّ السُّجودَ واجبٌ لِمَدْحِ فاعلِهِ وذَمِّ تارِكِه والأَمْرِ به.


(١) انظر: (١/ ٣٤٧).
(٢) أخرجه البخاري تعليقاً بصيغة الجزم، كتاب سجود القرآن، باب سجود المسلمين مع المشركين.

<<  <  ج: ص:  >  >>