للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في اعتكافه لم يصح شرطه؛ لأنه محلِّلٌ لما حرم الله، وكل شرط أحل ما حرم الله فهو باطل، لقول النبي «كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط» (١).

وَيُسْتَحَبُ اشْتِغَالُهُ بالقُرَبِ، وَاجْتِنَابُ مَا لَا يَعْنِيهِ.

قوله: «ويستحب اشتغاله بالقرب» أي: يستحب للمعتكف أن يشتغل بالقرب، جمع قربة، ومراده العبادات الخاصة، كقراءة القرآن، والذكر، والصلاة في غير وقت النهي، وما أشبه ذلك، وهو أفضل من أن يذهب إلى حلقات العلم، اللهم إلا أن تكون هذه الحلقات نادرة، لا تحصل له في غير هذا الوقت، فربما نقول: طلب العلم في هذه الحال، أفضل من الاشتغال بالعبادات الخاصة، فاحضرها لأن هذا لا يشغل عن مقصود الاعتكاف.

قوله: «واجتناب ما لا يعنيه» يستحب للمعتكف أن يجتنب ما لا يعنيه، أي: ما لا يهمه من قول أو فعل، أو غير ذلك وهذا سنة له، ولغيره، قال النبي : «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» (٢) وهذا من حسن إسلام المرء، ومن حسن أدبه، ومن راحة نفسه أن يدع ما لا يعنيه، أما كونه يبحث عن شيء لا يعنيه فسوف يتعب.

وكذلك أيضاً إذا كان يتتبع الناس في أمور لا تعنيه، فإن من حسن إسلام المرء، وأدبه، وراحته أن يدع ما لا يعنيه، ولهذا


(١) أخرجه البخاري في البيوع/ باب إذا اشترط في البيع شروطاً لا تحل (٢١٦٨)؛ ومسلم في العتق/ باب بيان أن الولاء لمن أعتق (١٥٠٤)؛ عن عائشة .
(٢) أخرجه الترمذي في الزهد/ باب حديث من حسن إسلام المرء … (٢٣١٧)؛ وابن ماجه في الفتن/ باب كف اللسان في الفتنة (٣٩٧٦)؛ وصححه ابن حبان (٢٢٩) عن أبي هريرة ، وحسنه النووي في الأربعين، الحديث الثاني عشر، وانظر جامع العلوم والحكم (٢/ ٢٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>