للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثال ذلك: إذا قدرنا أن هناك ولداً شريراً قد آذى أباه وأهله، ثم مات، وإذا وَجْهُ أبيه تبرق أساريره، ويقول: الحمد لله الذي أراحنا منه، فهذا لا يعزى، مع أن الناس يجعلون العلة في التعزية القرابة، وهذا غلط. فالعلة هي: المصيبة.

ولهذا قال العلماء: إذا أصيب الإنسان ونسي مصيبته لطول الزمن، فإننا لا نعزيه؛ لأننا إذا عزيناه بعد طول الزمن، فهذا يعني أننا جددنا عليه المصيبة والحزن.

وَيَجُوزُ البُكَاءُ عَلَى المَيِّتِ، ..........

قوله: «ويجوز البكاء على الميت»، والدليل على ذلك: أن النبي بكى على ابنه ابراهيم وقال: «العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون» (١)، «وبكى عند قبر إحدى بناته وهي تدفن». وهذا في البكاء الذي تمليه الطبيعة، ولا يتكلفه الإنسان، فأما البكاء المتكلف فأخشى أن يكون من النياحة التي يحمل عليها قول النبي : «إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه» (٢).

«يعذب»: أي: في القبر، وقد اختلف العلماء في هذا الحديث، إذ كيف يعذب الإنسان على عمل غيره وقد قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [الزمر: ٧]؛ ولأن تعذيب الإنسان بعمل غيره ظلم له؛ فإنه عقوبة لغير الظالم بفعل الظالم، وهذا ينافي عدل الله وحكمته ﷿؟!


(١) أخرجه البخاري (١٣٠٣)؛ ومسلم (٢٣١٥) عن أنس .
(٢) أخرجه البخاري (١٢٨٦)؛ ومسلم (٩٢٨) عن ابن عمر .

<<  <  ج: ص:  >  >>