قوله:«ولا يصح استثناء لم يتصل عادة» هذا هو الشرط الثالث من شروط الاستثناء، أن يكون الاستثناء متصلاً بحسب العادة والعرف بالمستثنى منه، بحيث لا يفصل بينه وبينه كلام، فإن فصل بينهما بكلام أو سكوت يمكنه الكلام فيه، فإن الاستثناء لا يصح، فلو قال: أنت طالق ثلاثاً ـ وهو ناوٍ أن يستثني، ثم قال: ـ انتبهي، ثم قال: إلا واحدة فلا يصح؛ لأنه فصل بين الاستثناء والمستثنى منه، ولو قال: أنت طالق ثلاثاً ثم سكت سكوتاً يمكنه الكلام فيه، ثم قال: إلا واحدة فلا يصح؛ لأنه لا بد من الاتصال، ولو قال: نسائي الأربع طوالق، ثم أخذه عطاس وبقي في العطاس خمس دقائق، ثم قال: إلا فلانة يصح؛ لأنه لا يمكن أن يتكلم.
وهذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم، فمنهم من قال باشتراطه، ومنهم من لم يقل باشتراطه، والصحيح: أنه ما دام الكلام واحداً فإنه لا يشترط.
والدليل على ذلك أن الرسول ﷺ لما فتح مكة قام في ذلك اليوم، وخطب الناس، وبَيَّن حرمة مكة، وقال:«إنه لا يختلى خَلاها، ولا يعضد شوكها، ولا تحل ساقطتها إلا لمنشد»، ثم ذكر كلاماً فقال العباس: إلا الإذخر يا رسول الله؟ فقال:«إلا الإذخر»(١)، مع أن الكلام غير متصل، وكذلك سليمان بن داود ـ
(١) أخرجه مسلم في الحج/ باب تحريم مكة (١٣٥٣) عن ابن عباس ﵄.