ليست من الصدقة؟ فيقال في الجواب: إن هذا لكمال ورعه ﷺ، ولعل هناك قرينة تدل على أنها من الصدقة مثل أن تكون في المكان الذي حوله فرقت الصدقة، فسقطت منها هذه التمرة، لكن بالنسبة لنا لو وجدناها ونحن ممن تحرم عليهم الصدقة الواجبة، فلنا أن نأكلها حتى نتيقن أنها من الصدقة الواجبة.
وقوله:«تتبعه همة أوساط الناس» الذي تتبعه همة أوساط الناس يختلف باختلاف الأحوال والأماكن والأزمان، فيما سبق الدرهم الواحد تتبعه همة أوساط الناس؛ لأنه يحصل به شيء كثير، يعني يمكن أن الدرهم الواحد يشتري به الإنسان شاة ويشتري به ـ أيضاً ـ حباً يطبخه ويكفي ضَيْفَه.
والآن ـ والحمد لله ـ الدرهم لا يهتم به أحد، وكذا خمسة دراهم، وكذا عشرة، والخمسون يهتم بها أوساط الناس، إذاً يقدر هذا بحسب الأحوال، والأحوال يختلف فيها الناس.
لكن لو قال قائل: لعل هذا الذي لا تتبعه همة أوساط الناس تتبعه همة فاقِدِهِ؟ فيقال: العبرة بالأغلب، يعني رب قلم لا يساوي درهماً، وعند صاحبه يساوي مائة درهم؛ لأنه تعوَّد عليه وكتابته به سهلة وجميلة، وهذا شيء مشاهد، بعض الأشياء تكون عند صاحبها غالية، وعند الناس ليست غالية، فيقال: العبرة بالأغلب.
قوله:«فأما الرغيف والسوط ونحوهما فيملك بلا تعريف» لأنها لا تتبعها همة أوساط الناس، والرغيف يعني القرص، فمن وجد قرصاً ساقطاً في السوق فليأخذه وليأكله، ما لم يكن يعلم صاحبه.