أن يكون شاملاً لرأسه بحيث يظهر لمن رآه أنه مقصر، لا من كل شعرة بعينها، وذكر ذلك خلافاً لما قاله بعض أهل العلم: إنه يكفي أن يقصر من ثلاث شعرات، أو من ربع الرأس، أو ما أشبه ذلك، بل الصواب ما ذكره المؤلف، وهو أنه لا بد أن يقصر من جميع شعره.
قوله:«وتقصر منه المرأة قدر أنملة»، أي: أنملة الأصبع وهي مفصل الإصبع، أي أن المرأة تمسك ضفائر رأسها إن كان لها ضفائر، أو بأطرافه إن لم يكن لها ضفائر، وتقص قدر أنملة، ومقدار ذلك اثنان سنتمتر تقريباً، وأما ما اشتهر عند النساء أن الأنملة أن تطوي المرأة طرف شعرها على إصبعها فمتى التقى الطرفان فذاك الواجب فغير صحيح.
وإنما كان المشروع للمرأة التقصير؛ لأنها محتاجة إلى التجمل والتزين، والشعر جمال وزينة، وإنما كان الواجب بقدر الأنملة لئلا يجحف برأسها، وهذا يدل على أن الشريعة الإسلامية تراعي حوائج الناس وميولهم، وأنها لا تأتي أبداً بما فيه العسر والحرج ـ والحمد لله ـ.
قوله:«ثم قد حل له كل شيء إلا النساء»، أي: بعد الحلق المسبوق بالرمي والنحر، حل له كل شيء إلا النساء، لقول النبي ﷺ:«إذا رميتم وحلقتم فقد حل لكم كل شيء إلا النساء»(١)، فعندنا ثلاثة أشياء:
(١) أخرجه الإمام أحمد (٦/ ١٤٣)؛ وابن خزيمة (٢٩٣٧) والدارقطني (٢/ ٢٧٦)؛ وزاد: «وذبحتم» والبيهقي (٥/ ١٣٦) عن عائشة ﵂ انظر: نصب الراية (٣/ ٨١) والتلخيص (١٠٥٧).