للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث: ما لا يجوز بيعه ولا إجارته.

فالذي فتح عنوة تجوز إجارته دون بيعه، إلا المساكن، ومكة لا يجوز بيعها ولا إجارتها، وبقية الأماكن يجوز بيعها وإجارتها كأرض المدينة وبيت المقدس وبقية الأراضي.

وقوله: «ولا يباع غير المساكن مما فتح عنوة» يؤخذ منه أنه يجوز بيع الأرض والمساكن مما فتح صلحاً، وهو كذلك؛ وذلك أن أرض العدو إما أن تفتح عنوة، وإما أن تفتح صلحاً على أنها لهم ونقرها معهم بالخراج، وإما أن تفتح صلحاً على أنها لنا، فإن كانت لهم فهي ملكهم يتصرفون فيها، وإن كانت لنا فهي ملكنا نتصرف فيها، هذا إذا كانت صلحاً، أما العنوة فقد بينا حكمها.

وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ نَقْع البِئْرِ وَلَا ما نَبَتَ فِي أرْضِهِ مِنْ كَلأٍ وَشَوْكٍ، وَيَمْلِكُهُ آخِذُهُ، ..

قوله: «ولا يصح بيع نقع البئر» نقع البئر هو ماء البئر الذي نبع من الأرض، فلا يجوز بيع هذا الماء؛ لقول النبي : «الناس شركاء في ثلاث: الماء، والكلأ، والنار» (١)؛ ولأن هذا الماء لم يخرج بقدرة الإنسان؛ بل بقدرة الله ﷿، فقد يحفر الإنسان بئراً عميقاً ولا يخرج الماء فليس من كَدِّه ولا فعله، بل هو سبب، فلذلك لا يملكه، وإذا كان لا يملكه فإنه لا يصح


(١) أخرجه الإمام أحمد (٥/ ٣٦٤)؛ وأبو داود في الإجارة/ باب في منع الماء (٣٤٧٧) عن رجل من أصحاب النبي ، وأخرجه ابن ماجه في الأحكام/ باب المسلمون شركاء في ثلاث (٢٤٧٢) عن ابن عباس وضعفه البوصيري، وأخرجه ابن ماجه في الموضع السابق عن أبي هريرة مرفوعاً (٢٤٧٣) ولفظه: «ثلاث لا يمنعن … »، وصححه البوصيري والحافظ في «التلخيص» (١٣٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>