للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فينهضون، والذي يصلِّي خلفَ «المِذياع» يصلِّي خلفَ إمامٍ ليس بين يديه بل بينهما مسافات كبيرة، وهو فتح باب للشر؛ لأنَّ المتهاون في صلاةِ الجُمُعة يستطيع أن يقولَ: ما دامتِ الصَّلاةُ تَصِحُّ خلفَ «المِذياع» و «التلفاز»، فأنا أريدُ أن أصلِّيَ في بيتي، ومعيَ ابني أو أخي، أو ما أشبه ذلك نكون صفَّاً.

فالرَّاجح: أنه لا يَصِحُّ اقتداءُ المأمومِ خارجَ المسجد إلا إذا اتَّصلتِ الصُّفوف، فلا بُدَّ له مِن شرطين:

١ ـ أن يَسمعَ التكبيرَ.

٢ ـ اتِّصال الصُّفوف.

أما اشتراطُ الرُّؤيةِ ففيه نظر، فما دام يَسمعُ التَّكبير والصُّفوف متَّصلة فالاقتداء صحيح، وعلى هذا؛ إذا امتلأ المسجدُ واتَّصلتِ الصُّفوف وصَلَّى النَّاسُ بالأسواقِ وعلى عتبة الدَّكاكين فلا بأس به.

وَتَصِحُّ خَلْفَ إِمَامٍ عَالٍ عَنْهُمْ.

وَيُكْرَهُ إِذَا كَانَ العُلُوُّ ذِرَاعاً فَأَكْثَرَ، ..........

قوله: «وتصح خلف إمام عالٍ عنهم» أي: عن المأمومين.

مثل: أن يكون هو في الطَّابقِ الأعلى وهم في الطَّابق الأَسفلِ، وهذا يقع كثيراً في الأَسفلِ (الخلوة)، فالإِمامُ فوقَ هؤلاء، فتصِحُّ الصَّلاةُ ولا حَرَجَ فيها.

ودليلُ صِحَّة الصَّلاةِ خلفَ الإِمامِ إذا كان عالياً: أنَّ النَّبيَّ لما صُنِعَ له المِنبرُ صَلَّى عليه، يصعدُ ويقرأُ ويركعُ، وإذا أرادَ أنْ يسجدَ نَزَلَ مِنَ المِنبرِ فَسَجَدَ على الأرضِ، وقال: «يا أيُّها النَّاسُ، إني صَنَعتُ هذا لِتَأتمُّوا بي، ولِتَعْلموا صَلاتي» (١).


(١) أخرجه البخاري، كتاب الجمعة، باب الخطبة على المنبر (٩١٧)؛ ومسلم، كتاب المساجد، باب جواز الخطوة والخطوتين في الصلاة (٥٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>