للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فننحرف عنها، ونستغفر الله (١).

وقوله : «لا تستقبلوا ولا تستدبروا» نَهيٌ، والأصلُ في النهي التَّحريم.

والحديث يفيد أن الانحرافَ اليسير لا يكفي؛ لأنه قال: «ولكن شرِّقوا أو غرِّبوا»، وهذا يقتضي الانحراف التَّام. ولكن: «شرِّقوا أو غرِّبوا» لقوم إِذا شرَّقوا أو غربوا لا يستقبلون القِبْلة، ولا يستدبرونها كأهل المدينة، فإنَّ قبلتهم جهة الجنوب، فإِذا شرَّقوا، أو غرَّبوا صارت القبلة إما عن أيمانهم، أو عن شمائلهم، وإِذا شرَّق قوم أو غرَّبوا، واستقبلوا القبلة، فإِن عليهم أن يُشَمِّلُوا، أو يُجَنِّبوا.

وأما التَّعليل: فهو احترام القِبْلة في الاستقبال والاستدبار.

في غير بُنْيَان ............

قوله: «في غير بُنْيَان»، هذا استثناءٌ، يعني: إِذا كان في بنيان فيجوز الاستقبال والاستدبار؛ لحديث ابن عمر قال: «رَقِيْتُ يوماً على بيت أختي حفصة، فرأيت النبيَّ قاعداً لحاجته مستقبلَ الشَّام مستدبر الكعبة» (٢)، وهذا المشهور من المذهب، بل قالوا : يكفي الحائل وإِن لم يكن بُنياناً، كما لو اتَّجه إلى كَوْمَةٍ من رمل أقامها وكان وراءها، أو إِلى شجرة ما أشبه ذلك (٣).


(١) رواه البخاري، كتاب الصلاة: باب قبلة أهل المدينة وأهل الشام وأهل المشرق، رقم (٣٩٤)، ومسلم كتاب الطهارة: باب الاستطابة، رقم (٢٦٤).
(٢) رواه البخاري، كتاب الوضوء: باب التبرز في البيوت، رقم (١٤٨)، وانظر رقم (١٤٥)، (١٤٩)، ومسلم، كتاب الطهارة: باب الاستطابة، رقم (٢٦٦).
(٣) انظر: «شرح منتهى الإِرادات» (١/ ٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>