للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ

الأَوْلَى بِالإِمَامَةِ الأَقْرَأُ الَعالِمُ فِقْهَ صَلَاتِهِ، .........

فصل في الأولى بالإمامة: لما بيّن حُكمَ صلاةِ الجماعةِ وما يتفرَّعُ عليها مما سبق ذكرُه، ذَكَرَ أحكامَ الإِمامةِ، مَنْ الذي يصلحُ إماماً؟ ومَنْ أحقُّ بالإِمامةِ؟ فهذا المرادُ بهذا الفصلِ فبدأ بالأحقِّ.

قوله: «الأولى بالإِمامة الأقرأ العالم فقه صلاته» هل المرادُ بالأقرأ الأجودُ قِراءةً، وهو الذي تكون قراءتُه تامَّةً، يُخرِجُ الحروفَ مِن مخارِجِها، ويأتي بها على أكملِ وجهٍ، أو المرادُ بالأقرأ الأكثرُ قراءةً؟

الجواب المراد: الأجودُ قِراءةً، أي: الذي يقرؤه قراءةً مجوَّدةً، وليس المراد التجويد الذي يُعرف الآن بما فيه مِن الغنَّةِ والمدَّاتِ ونحوها، فليس بشرطٍ أن يتغنَّى بالقرآن، وأن يحسِّنَ به صوتَه، وإن كان الأحسنُ صوتاً أَولى، لكنه ليس بشرط.

وقوله: «العالم فقه صلاته» أي: الذي يعلم فِقْهَ الصَّلاةِ، بحيث لو طرأَ عليه عارضٌ في صلاتِهِ مِن سهوٍ أو غيرِه تمكَّنَ مِن تطبيقِهِ على الأحكامِ الشرعيَّةِ. فلو وُجِدَ أقرأ؛ ولكن لا يَعلمُ فِقْهَ الصَّلاةِ، فلا يَعرفُ مِن أحكامِ الصَّلاةِ إلا ما يعرِفُهُ عامَّةُ الناسِ مِن القراءةِ والرُّكوعِ والسُّجودِ، فهو أَولَى مِن العالمِ فِقْه صلاتِهِ.

ودليلُ ذلك: قولُ النَّبيِّ : «يَؤُمُّ القومَ أقرؤُهُم لكتابِ اللهِ» (١).

وذهبَ بعضُ العلماءِ إلى خِلافِ ما يفيده كلامُ المؤلِّفِ،


(١) أخرجه مسلم، كتاب المساجد، باب مَن أحقُّ بالإمامة (٦٧٣) (٢٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>