ولَّيتك الحكم في جميع أقطار الدنيا، وهذا لا يمكن؛ لأنه يتعذر الإحاطة به، إذاً عموم العمل عموم نسبي، مثل أن يقول: وليتك الحكم في منطقة القصيم، هذا عموم بالنسبة لكلِّ بلد على حدة، لكنه ليس عموماً مطلقاً، أعم منه أن يقول: ولَّيتك الحكم في نجد، هذا أعم، لكن هل هو عموم مطلق؟ لا.
وليتك الحكم في منطقة المدينة هذا عموم، أعم منه في منطقة الحجاز، أعم من ذلك كله وليتك الحكم في جميع الحجاز ونجد، فالمهم أن عموم العمل معناه المكان الذي يحكم فيه القاضي، فيجوز أن يولى العموم، وأن يولى الخصوص، فإذا قال: وليتك جميع الأحكام في عموم القصيم، فهذا عموم نظر في عموم عمل.
قوله:«وأن يُولّى خاصاً فيهما» الضمير في قوله: «فيهما» يعود على النظر والعمل، أي: خاصاً في النظر وفي العمل، النظر مثل أن يقول: وليتك الأنكحة والعمل في عنيزة، هذا خصوص نظر وعمل، خصوص النظر؛ لأنه خص القضاء في الأنكحة، وخصوص العمل؛ لأنه خصه في بلد معين.
أو يقول: وليتك الفرائض في بريدة، هذا خصوص نظر في خصوص عمل، خصوص نظر؛ لأنه في الفرائض فقط، فلو جاء اثنان يتحاكمان إلى هذا الذي ولي الفرائض في النكاح فإنه لا يقضي بينهما، بل لو قضى بينهما من غير تحكيم لم ينفذ حكمه؛ لأنه خص بالنظر في الفرائض، كما أنه لا يملك أن يقضي بين اثنين في مسألة فرضية في عنيزة؛ لأن العمل خاص في بريدة، هاتان صورتان متقابلتان: