للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ آدَابِ القَاضِي

يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ قَوِيّاً مِنْ غَيْرِ عُنْفٍ، لَيِّناً مِنْ غَيْرِ ضَعْفٍ، حَلِيماً ذَا أَنَاةٍ وَفِطْنَةٍ، وَلْيَكُنْ مَجْلِسُهُ فِي وَسْطِ الْبَلَدِ فَسِيحَاً، وَيَعْدِلُ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ فِي لَحْظِهِ، وَلَفْظِهِ، وَمَجْلِسِهِ، وَدُخُولِهِمَا عَلَيْهِ، ......

قوله: «آداب القاضي» يعني أخلاقه التي يطالب أن يكون عليها، إما وجوباً وإما استحباباً، والقاضي هو المنصوب من قبل ولي الأمر ليقضي بين الناس، ولا يزال يسمى بهذا الاسم إلى يومنا هذا.

قوله: «ينبغي أن يكون قوياً من غير عنف» كلمة «ينبغي» إذا جاءت بصيغة النفي في كلام الله، أو في كلام الرسول فمعناها الممتنع، مثاله قوله تعالى: ﴿وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَانِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا﴾ [مريم:٩٢]، يعني أنه يمتنع غاية الامتناع، وقال النبي : «إن الله لا ينام ولا ينبغي أن ينام» (١)، يعني يمتنع عليه النوم.

أما في كلام الفقهاء، فهي بمعنى يستحب فإذا قالوا: لا ينبغي، يعني لا يستحب، وإذا قالوا ينبغي فمعناه: يستحب لكن هذا في اصطلاح الفقهاء على سبيل العموم، أما الإمام أحمد فأصحابه يقولون: إذا قال: لا ينبغي، فهو للكراهة، وقد يكون للتحريم.

وقوله: «ينبغي أن يكون قوياً من غير عنف» هذان وصفان أحدهما: ثبوتي، والثاني: سلبي، الثبوتي أن يكون قوياً، يعني له


(١) أخرجه مسلم في الإيمان/ باب في قوله : «إن الله لا ينام … » (١٧٩) عن أبي موسى .

<<  <  ج: ص:  >  >>