قوله:«ولا أجرة لمن أعار حائطاً حتى يسقط» صورة المسألة: أن يكون شخص له جار، والجار له جدار خاص به، واحتاج ذلك الشخص أن ينتفع بجدار جاره، فطلب منه أن يضع خشباً على هذا الجدار عارية، فأعاره إياه وبنى عليه الجار، ثم إن صاحب الجدار طلب من الجار أجرة بعد أن أعاره، وقال: رجعت في عاريتي، فأعطني أجرة على بقاء الخشب على الجدار، فإنه لا يملك هذا، وحتى رجوعه عن العارية لا يقبل؛ لأن الرجوع في العارية على وجه يتضرر به المستعير لا يجوز؛ لقول النبي ﷺ:«لا ضرر ولا ضرار»(١)، ومثل ذلك لو أعاره أرضاً ليزرعها ثم زرعها المستعير، وفي أثناء ذلك، قال المُعير: رجعت، فإنه لا يلزمه، وهل له أجرة؟ الصحيح أنه ليس له أجرة؛ لأن إذنه له بالزرع يستلزم رضاه ببقائه حتى يحصد، والمشهور من المذهب أنه إذا رجع أثناء مدة الزرع فإن له الأجرة، ولكنه قول ضعيف، ولا تكاد تجد فرقاً بين هذا والحائط.
وكذلك على القول الراجح إذا كانت العارية مؤقتة بوقت
(١) أخرجه الإمام أحمد (٥/ ٣٢٦)؛ وابن ماجه في الأحكام/ باب من بنى في حقه ما يضر بجاره (٢٣٤٠) عن عبادة بن الصامت ﵁، وأخرجه الإمام أحمد (١/ ٣١٣)؛ وابن ماجه (٢٣٤١) عن ابن عباس ﵄، وأخرجه مالك (٢/ ٧٤٥) مرسلاً، وللحديث طرق كثيرة يتقوى بها ولذلك حسنه النووي في الأربعين (٣٢)؛ وابن رجب في جامع العلوم والحكم (٢/ ٢١٠)؛ والألباني في الإرواء (٨٩٦).