للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتعاليت ..........

قوله: «تعاليت» من التَّعالي وهو العُلو، وزِيدت التَّاء للمبالغة في عُلوه.

وعُلوُّ الله ينقسم إلى قسمين: عُلوِّ الذِّات، وعُلوِّ الصِّفَة.

فأما عُلوُّ الذَّات فمعناه: أنَّ الله نَفْسَهُ فوقَ كُلِّ شيء.

وأمَّا عُلوُّ الصِّفة فمعناه: أنَّ الله تعالى موصوفٌ بكلِّ صفاتٍ عُليا.

أما الأول: فقد أنكره حُلولية الجهمية وأتباعهم الذين قالوا: إنَّ الله في كُلِّ مكان بذاته، وأنكره أيضاً الغالون في التَّعطيل حيث قالوا: إنَّ الله ليس فوقَ العالم ولا تحتَ العالم، ولا يمينَ ولا شِمالَ، ولا أمامَ ولا خلفَ، ولا متَّصل ولا منفصل إذاً هي عَدَمٌ!

ولهذا أنكر محمودُ بن سُبُكْتِكين (١) على مَنْ وَصَفَ اللهَ بهذه الصِّفَة، وقال: هذا هو العَدَمُ (٢). وصَدَق؛ فهذا هو العَدم.


(١) هو المَلِكُ، يمين الدولة، فاتح الهند، أبو القاسم، محمود بن سُبُكْتِكين، التركي، صاحب خراسان والهند وغير ذلك.
قال الذهبي: كان مائلاً إلى الأثر؛ إلا أنه من الكُرّامية.
قال ابن تيمية: كان من أحسن ملوك أهل المشرق؛ إسلاماً وعقلاً وديناً وجهاداً وملكاً.
وُلِدَ سنة (٣٦١ هـ)، وتُوفي سنة (٤٢١ هـ) في غَزْنَة.
انظر: «بيان تلبيس الجهمية» (٢/ ٣٣١)، «السير» (١٧/ ٤٨٣).
(٢) وذلك عندما تناظر بين يديه ابنُ فُوْرَك وابن الهَيضم في مسألة العلو، فرأى قوّة كلام ابن الهيضم في إثبات العلو فرجح ذلك. وقال لابن فُوْرَك: لو أردت أن تصف المعدوم؛ كيف كنت تَصِفَهُ بأكثر من هذا؟!
أو قال: فَرِّقْ لي بين هذا الرَّب الذي تصفه وبين المعدوم!؟
انظر: «درء تعارض العقل والنقل» لابن تيمية (٦/ ٢٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>