وكذا لو كان عليه جنابة، وشكَّ هل اغتسل أم لا؟ فإِنه يغتسل، ولا يتردَّد.
وهذه ـ أعني البناءَ على اليقين وطرحَ الشَّكِّ ـ قاعدة مهمَّة، دَلَّ عليها قولُ النبيِّ ﷺ:«إِذا شَكَّ أحدكم في صلاته فليطرح الشَّكَّ وليَبْنِ على ما استيقن»(١)، ولها فروع كثيرة جدًّا في الطلاق والعقود وغيرهما من أبواب الفقه، فمتى أخذ بها الإنسان انحلَّت عنه إشكالات كثيرة، وزال عنه كثير من الوَساوس والشُّكوك، وهذا من بَرَكَةِ كلام النبيِّ ﷺ وحكمه.
وهو أيضاً من يُسْرِ الإِسلام وأنه لا يريد من المسلمين الوُقوعَ في القلق والحيرة؛ بل يريد أن تكون أمورهم واضحة جليَّة، ولو استسلم الإِنسان لمثل هذه الشُّكوك لتنغَّصت عليه حياته؛ لأنَّ الشيطان لن يقف بهذه الوساوس والشكوك عند أمور الطَّهارة فقط، بل يأتيه في أمور الصَّلاة والصِّيام وغيرهما، بل في كلِّ أمور حياته؛ حتى مع أهله، فَقَطَعَ الشَّارع هذه الوساوس من أصلها، وأمر بتركها، بل ودفعها حتى لا يكون لها أَثَرٌ على النفس.
فإِن تَيَقّنَهُمَا، وَجَهلَ السابقَ، ...........
قوله:«فإِن تَيَقَّنَهُمَا وجهل السَّابق»، أي: تيقَّن أنه مرَّ عليه طهارةٌ وحَدَثٌ تَيَقَّنَهُمَا جميعاً، ولكن لا يدري أيُّهما الأول، فيُقال له: ما حالُكَ قَبْلَ هذا الوقت الذي تبيَّن لك أنَّكَ أحدثت وتَطَهَّرْتَ فيه؟
(١) رواه مسلم، كتاب المساجد: باب السهو في الصلاة والسجود له، رقم (٥٧١) من حديث أبي سعيد الخدري.