وبهذا انتهى الكلام على صفة الحج والعمرة، واعلم أن كل ما ذكرناه فإنه مبني على ما نعلمه من الأدلة، ومع هذا لو أن إنساناً اطلع على دليل يخالف ما قررناه فالواجب اتباع الدليل، لكن هذا جهد المقل ـ نسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا ـ.
وَتُسْتَحَبُّ زِيَارَةُ قَبْرِ النَّبيِّ ﷺ وَقَبْرَيْ صَاحِبيه
قوله: «وتستحب زيارة قبر النبي ﷺ وقبري صاحبيه».
والدليل أمر النبي ﷺ بزيارة القبور، وهو عام يشمل قبر النبي ﷺ وقبر غيره، وأما ما استدل به بعضهم من حديث: «من حج فزار قبري بعد وفاتي فكأنما زارني في حياتي»، رواه الدارقطني (١)، فالحديث ضعيف بل موضوع (٢) مكذوب على النبي ﷺ؛ لأن كلام النبي ﷺ كله حق وهذا الحديث باطل.
فهل الذي يزور قبره بعد وفاته كالذي يزوره في حياته؟!
أبداً ولا يشبهه بأي حال من الأحوال.
وظاهر كلام المؤلف ﵀: أن الحاج إذا انتهى من الحج يشد الرحل إلى المدينة ليزور قبر النبي ﷺ وقبري صاحبيه، وهذه المسألة اختلف فيها العلماء:
فمنهم من قال: إن شد الرحل إلى القبور لا بأس به؛ لأنه شد لعمل صالح، فالرسول ﷺ أمر بزيارة القبور، ولم ينه عن شد
(١) أخرجه الدارقطني (٢/ ٢٧٨)؛ والطبراني في «الكبير» (١٣٤٩٧)؛ وابن عدي (٢/ ٧٩٠)؛ والبيهقي (٥/ ٢٤٦) عن ابن عمر ﵄.
(٢) انظر كلام شيخ الإسلام على هذا الحديث في التوسل والوسيلة ص (١٤٣) حيث حكم عليه بالوضع، وأيضاً الصارم المنكي لابن عبد الهادي ص (٦٢)، وضعفه الحافظ في «التلخيص» (١٠٧٥).