للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالخَلوةُ قد زالت ولا يُكره ذلك، إلا إذا خَافَ الفِتنةَ، فإنْ خَافَ الفِتنةَ فإنَّه حرامٌ؛ لأنَّ ما كان ذريعةً للحرامِ فهو حرامٌ.

وعُلِمَ مِن قوله: «لا رجل معهنَّ» أنَّه لو كان معهنَّ رَجُلٌ فلا كراهةَ وهو ظاهرٌ.

أَوْ قَوْماً أَكْثَرُهُمْ يَكْرَهُهُ بِحَقٍّ ..............

قوله: «أو قوماً أكثرهم يكرهه بحق» أي: يُكره أنْ يَؤمَّ قوماً أكثرهم يكرهه بحَقٍّ.

ودليلُ ذلك: حديثُ «ثلاثةٌ لا تُجَاوِزُ صلاتُهم آذانَهم: العبدُ الآبقُ حتى يرجعَ، وامرأةٌ بَاتَتْ وزوجُها عليها سَاخِطٌ، وإمامُ قومٍ وهم له كارهون» (١)، فقوله: «لا تُجاوِزُ صلاتُه آذانَهم: أي: لا تُرفعُ ولا تُقبلُ، وهذا الحديثُ ضعيفٌ، ولو صَحَّ لكان فيه دليلٌ على بُطلان الصَّلاةِ، ومِن ثَمَّ قال الفقهاءُ بالكراهةِ. وقد ذَكَرَ ابنُ مفلح ﵀ في «النكت على المحرر» أنَّ الحديثَ إذا كان ضعيفاً؛ وكان نهياً فإنَّه يُحملُ على الكراهةِ، لكن بشرط أنْ لا يكون الضَّعفُ شديداً، وإذا كان أمراً فإنَّه يُحملُ على الاستحبابِ.

فالحديثُ لضعفِهِ لم يكن موجباً للحُكم الذي يقتضيه لفظه، لو ردَّوه كان مثيراً للشك، فكان الاحتياطُ أنْ نجعلَ حكمَه بين بين.

وقوله: «أكثرهم يكرهه بحق».

أفادنا المؤلِّفُ: أنَّه لو كان الأقلُّ يكرهه، فلا عبرةَ به.


(١) أخرجه الترمذي، أبواب الصلاة، باب ما جاء من أمَّ قوماً وهم له كارهون (٣٦٠) وقال: «حديث حَسَنٌ غريبٌ من هذا الوجه»، وانظر: كلام الشيخ ﵀ عن درجة الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>