للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أإِمّا باجْتِهَادٍ، َوْ خَبَرِ ثِقَةٍ مُتَيَقِّنٍ .............

قوله: «إمَّا باجتهادٍ أو خبرِ ثقةٍ مُتَيقِّنٍ»، هنا ذكر المؤلِّف الطُّرق التي يحصُل بها غلبة الظنِّ:

الطريق الأول: الاجتهاد، لكن بشرط أن يكون المجتهد عنده أداة الاجتهاد، بأن يكون عالماً بأدلَّةِ الوقت، فإن لم يكن عالماً فإنه لا يعمل باجتهاده؛ إذ إنه ليس من أهل الاجتهاد، فلو أن شخصاً صَلَّى الظُّهر، وقال: أُصلِّي العصر إذا انتصف ما بين الظُّهر والمغرب، فلما انتصف ما بين الظُّهر والمغرب صَلَّى العصر، فهذا بَنَى على اجتهاد غير صحيح، فتلزمه الإعادة إذا تبيَّن أنه صلَّى قبل الوقت، وكذلك في صلاة العشاء، لو أنَّه اجتهد ولما رأى أنَّ النُّور السَّاطعَ القويَّ قد اختفى صَلَّى العشاء مع وجود الحُمْرة، فهذا لا تصحُّ صلاتُه؛ لأنه صَلَّى قبل الوقت، ولأنه ليس أهلاً للاجتهاد، حيث إنه لا يعرف متى يخرج وقت المغرب ويدخل وقت العشاء.

الطَّريق الثَّاني: خبرُ ثقةٍ مُتيقِّنٍ، وهذا الطريق من عند غيره، أي: رَجُلٌ أخبرك بأن الوقت دخل، ولكنه أخبرك عن يقين بأن قال: رأيت الشمس غربت، أو قال: رأيت الفجر قد طلع، فإن أخبرك عن اجتهادٍ أو عن غلبة ظنٍّ فإنك لا تعمل بقوله، لأن المؤلِّف يقول: «خبر ثقةٍ متيقِّنٍ» لا مجتهد، ولا مَنْ بَنَى على غلبة ظنٍّ، بل لا بُدَّ أن يكون متيقِّناً.

فإن قال قائل: أليس يجوز للإنسان أن يبني على اجتهاد نفسه وغلبة ظنِّ نفسه؟

قلنا: بلى، لكن هنا بَنَى على خبر غيره، والفرع أضعف من

<<  <  ج: ص:  >  >>