للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: وقذف غير المحصن يوجب التعزير، فلو كان القاذف حراً والمقذوف عبداً يعزر.

ولو قذف كافراً ـ ولو ذمياً ـ يعزر، ولو قذف شخصاً متهماً بالزنا يعزر، فلا يقام عليه الحد؛ لأنه ليس بعفيف.

ولو قذف صغيراً لا يجامع مثلُهُ يعزر، فلو قال قائل: الآية عامة ﴿الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ﴾ قلنا: لكن العبد لا يسمى محصناً في عُرف الشرع، وعلى هذا فيكون خارجاً من القيد ليس داخلاً، فلا يحتاج إلى دليل على إخراجه.

وما الدليل على اشتراط أن يكون مسلماً؟

الجواب: قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [النور:٢٣]، ولأن النبي يقول: «قذف المحصنات الغافلات المؤمنات» (١).

واشتراط أن يجامع مثلُه؛ لأن من لا يجامع مثله لا يلحقه العار أبداً، ولا يتصور الناس منه غالباً الزنا، ولأن من كان بهذه السن فإنه لا يدنسه القذف، حتى لو ثبت أنه زنا.

وَصَرِيحُ الْقَذْفِ: يَا زَانٍ، يَا لُوطِيُّ ونَحْوُهُ، وَكِنَايَتُهُ: يَا قَحْبَةُ، يَا فَاجِرَةُ، يَا خَبِيثَةُ، فَضَحْتِ زَوْجَكِ، أَوْ نَكَّسْتِ رَأْسَهُ، أَوْ جَعَلْتِ لَهُ قُرُوناً وَنَحْوُهُ، وَإِنْ فَسَّرَهُ بِغَيْرِ الْقَذْفِ قُبِلَ، وَإِنْ قَذَفَ أَهْلَ بَلَدٍ، أَوْ جَمَاعَةً لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُمُ الزِّنَا عَادَةً عُزِّرَ، وَيَسْقُطُ حَدُّ الْقَذْفِ بِالْعَفْوِ، وَلَا يُسْتَوْفَى بِدُونِ الطَّلَبِ.

قوله: «وَصَرِيحُ القَذْفِ» القذف له صريح وكناية، والطلاق له صريح وكناية، والوقف له صريح وكناية، فما هو الصريح من كل لفظ؟ يقولون: إن الصريح من كل لفظ ما لا يحتمل غير معناه الذي وضع له، وإذا كان يحتمل المعنى هذا وهذا فإنه كناية.

قوله: «يا زَانٍ، يَا لُوطِيُّ» فصريحه أن يناديه بهذا الوصف، أو يقول: أنت زانٍ، أنت لوطي.


(١) سبق تخريجه ص (٢٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>