والصحيح أن لها أن تمنع نفسها؛ لأن الرجل إذا ماطل لا نمكنه من استيفاء الحق كاملاً؛ لأنه لا يمكن أن نجعل جزاء الإحسان إساءة، ولا يمكن أن نخالف بين الزوجين فنعامل هذا بالعدل، وهذا بالظلم، فنقول: كما امتنع مما يجب عليه، فلها أن تمتنع.
قوله:«فإن أعسر بالمهر الحال فلها الفسخ، ولو بعد الدخول» أي: إذا أعسر بالمهر الحال، سواء كان حالاً من الأصل، أو حل بعد التأجيل فلها الفسخ؛ لأنه لم يسلم لها العوض.
مثال ذلك: رجل تزوج بامرأة على عشرة آلاف حالة، ودخل عليها، فلما طالبته تبين أنه معسر لا شيء عنده، نقول: لها أن تفسخ عقد النكاح، وإذا فسخت بقي المهر في ذمته؛ لأنه استقر بالدخول، وكذلك على القول الراجح إن كان لم يستقر، فلها أن تطالبه بما يجب لها قبل الدخول؛ لأن الفراق هنا بسببه، وقد تقدم أن الفراق إذا كان لعيبه فالفرقة من قبله هو على الصحيح، والمذهب أنها من قبلها.
فإن قال قائل: لماذا لا تقولون: تمنع نفسها حتى يسلمها المهر؟
فالجواب: لأننا لا ندري متى يحصل الإيسار.
ولو أنه أعسر بالمهر، ولكنه لما رأى المرأة تريد أن تفسخ النكاح استقرض وأوفاها، فهل لها أن تفسخ؟
الجواب: لا؛ لأن حقها أتاها، فإذا قالت: أنا لا أريد