الجواب: أن هذا جائز في حدود ثلاثة أيام فأقل إلا الزوجة، فإنه يجب عليها أن تحد مدة العدة أربعة أشهر وعشرة أيام إن لم تكن حاملاً، وإلا إلى وضع الحمل إن كانت حاملاً؛ ودليل هذا قوله ﷺ:«لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً»(١).
وإنما جاز هذا الإحداد لغير الزوجة لإعطاء النفوس بعض الشيء مما يهوِّن عليها المصيبة؛ لأن الإنسان إذا أصيب ثم كُبت بأن قيل له: اخرج وكن على ما كنت عليه، فإنه ربما تبقى المصيبة في قلبه، ولهذا يقال: إن من جملة الأدب والتربية بالنسبة للصبيان أنه إذا أراد أن يبكي أن يترك يبكي مدة قصيرة من أجل أن يرتاح؛ لأنه يخرج ما في قلبه، لكن لو أسكتّه صار عنده كبت وانقباض نفسي.
مسألة: هل يجوز أن يحد في أمر يلحقه أو عائلته به ضرر، مثل: أن يكون رجلاً متجراً، لو عطل التجارة لتضررت كفايته؟
الجواب: لا، هذا ليس مباحاً، بل هو إما مكروه، وإما محرم.
قوله:«ويحرم الندب»، الندب: هو تعداد محاسن الميت بحرف الندبة وهو «وا» فيقول: واسيداه، وامن يأتي لنا بالطعام والشراب، وامن يخرج بنا إلى النزهة، وامن يفعل كذا وكذا.
(١) أخرجه البخاري (١٢٨١)؛ ومسلم (١٤٨٦) عن أم حبيبة ﵂.