للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقوله تعالى: ﴿إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ [الأعراف: ٣١].

كُلُّ إِناءٍ طَاهِرٍ، ولو ثَمِيناً ............

قوله: «كلُّ إناءٍ طاهر»، هذا احتراز من النَّجس، فإِنَّه لا يجوز استعماله؛ لأنَّه قذر، وفيما قال المؤلِّفُ نظر، لأن النَّجس يباح استعمالُه إِذا كان على وجه لا يتعدَّى،

والدَّليل على ذلك حديث جابر أن النبيَّ قال حين فتح مكَّة: «إِن الله حرَّم بيع الخمر، والميتة، والخنزير، والأصنام»، قالوا: يا

رسول الله؛ أرأيت شُحوم الميتة، فإِنَّها تُطلى بها السُّفن، وتُدهن بها الجلود، ويَستصبح بها النَّاس، فقال: «لا، هو حرام» (١). فأقرَّ النبيُّ

هذا الفعل مع أنَّ هذه الأشياء نجسة، فدلَّ ذلك على أن الانتفاع بالشيء النَّجس إذا كان على وجه لا يتعدَّى لا بأس به، مثاله أن يتَّخذ «زِنْبِيلاً» نجساً يحمل به

التُّراب ونحوه، على وجهٍ لا يتعدَّى.

قوله: «ولو ثميناً»، «لو»: إِشارة خلاف، والمعنى: ولو كان غالياً مثل: الجواهر، والزُّمرُّد، والماس، وما شابه ذلك فإنه مباح اتَّخاذه واستعماله.

وقال بعضُ العلماء: إِنَّ الثمين لا يُباح اتِّخاذه واستعماله، لما فيه من الخُيلاء، والإِسراف (٢)، وعلى هذا يكون تحريمُه لغيره لا لذاته، وهو كونُه إسرافاً وداعياً إِلى

الخُيلاء والفخر، لا لأنَّه ثمين.


(١) رواه البخاري، كتاب البيوع: باب بيع الميتة والأصنام، رقم (٢٢٣٦)، ومسلم، كتاب المساقاة: باب تحريم بيع الخمر والميتة والأصنام، رقم (١٥٨١).
(٢) انظر: «الإِنصاف» (١/ ١٤٣، ١٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>