«فإن دعاه الجفلى» وهي دعوة العموم، مثل أن يقول: هلموا أيها الناس، وهي مما يفتخر بها العرب، كما قال شاعرهم:
نحن في المشتات ندعو الجفلى
لا ترى الآدب فينا ينتقر
«النقرى» أن يعين، و «الجفلى» أن يعمم، و «الآدب» صاحب المأدُبة.
فإذا دعا الجفلى يقول المؤلف:«كرهت الإجابة»، والتعليل أن في ذلك دناءة بالنسبة للمدعو، ومفاخرة ومباهاة للداعي، وهذا التعليل عليل، والصحيح أنها لا تكره بل هي جائزة، وقد ثبت أن الرسول ﵊ أرسل أنساً ﵁ وقال له:«ادع فلاناً وفلاناً ومن لقيت»(١)، فعيَّن في الأول، ثم عمم، فالصحيح أن الإجابة ليست مكروهة، بل في ظني أن عدم الإجابة إلى الكراهة أقرب؛ لأنك إذا دعوت الناس جميعاً وتخلف واحد قال الناس: هذا مترفع ومتكبر، صحيح أن الإجابة لا تجب على كل واحد؛ لأن الدعوة عامة، فهي تشبه فرض الكفاية، ولكن لا نقول: إنها مكروهة، بل الصواب أنها ليست بمكروهة وليست بواجبة، لكن إذا علم أحد المدعوين أن صاحب الدعوة يُسَرُّ بحضوره فينبغي له أن يجيب.
قوله:«أو في اليوم الثالث» أي دعاه في اليوم الثالث فإنه
(١) أخرجه البخاري في النكاح/ باب الهدية للعروس (٥١٦٣)؛ ومسلم في النكاح/ باب زواج زينب بنت جحش … (١٤٢٨) (٩٤) عن أنس ﵁.