للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيء لا ينجس إلا بالتغيُّر (١)، فقال: إِن لم يكن متغيِّراً بدم الميتة، وما أشبه ذلك فهو طاهر.

والذي يظهر لي رجحانه في هذه المسألة هو المذهب؛ لأنَّه وإن انفصل واجتمع في الضَّرع قبل أن تموت فإنه يسير بالنسبة إلى ما لاقاه من النَّجاسة، لأنها

محيطة به من كل جانب، وهو يسير، ثم إن الذي يظهر سريان عُفونة الموت إلى هذا اللَّبن؛ لأنه ليس كالماء في قُوَّة دفع النَّجاسة عنه.

والمذهب، وإن كان فيه نَظَر من حيث قاعدة: أن ما لا يتغيَّر بالنَّجاسة فليس بنجس، وهذه قاعدة عظيمة محكمة، لكن الأخذ به هنا من باب الاحتياط، وأيضاً بعموم

قوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾ [المائدة: ٣]، واللَّبن في الضَّرع قد يكون داخلاً في هذا العموم.

وكُلُّ أجزائِها نجسَةٌ غَيْرُ شَعْرٍ، وَنَحْوِه، .................

قوله: «وكل أجزائها نجسةٌ»، كاليد، والرِّجل، والرَّأس ونحوها لعموم قوله تعالى: ﴿إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ﴾ [الأنعام: ١٤٥]،

والميتةُ تُطلَقُ على كلِّ الحيوان ظاهره وباطنه.

قوله: «غيرُ شَعْر ونحوه»، كالصُّوف للغنم، والوبر للإِبل، والرِّيش للطيور، والشَّعر للمَعْز والبقر، وما أشبهها.

ويُستثنى من ذلك ما يلي:

١ ـ عظم الميتة، على ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية


(١) انظر: «مجموع الفتاوى» (٢١/ ٣٢)، «الاختيارات» ص (٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>