ولم يقل: يا أيها النبي لا تطلقوا النساء، وقال: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا﴾ [الأحزاب: ٤٩]، ولأن الذين طلقوا في عهد الرسول ﵊ لم يكن ينهاهم عنه، ولو كان حراماً لمنعهم، ولو كان مكروهاً لاستفصل منهم، ثم عندنا قاعدة فقهية معروفة عند أهل العلم، وهي أن المكروه يزول عند الحاجة، وهذا من حكمة الله ﷿، وقد كان أعداء المسلمين يطعنون على المسلمين في جواز الطلاق؛ لأنهم ما يودون أن تحزن المرأة، مع أن هذا هو العيب حقيقة؛ لأننا نعلم علم اليقين أن الرجل إذا أمسكها على هون، وهو لا يريدها ولا يحبها، يحصل لها من التعاسة شيء لا يطاق، لكن إذا طلقها يرزقها الله ﴿وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلاًّ مِنْ سَعَتِهِ﴾ [النساء: ١٣٠]، فكان ما جاء به الإسلام هو الحكمة، والرحمة أيضاً، وإلا فإلزام الإنسان بمعاشرة من لا يحب من أصعب الأمور حتى قال المتنبي:
ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى
عدواً له ما من صداقته بُدُّ
فمن نكد الدنيا أنك ترى عدواً لك، لكن لا بد أن تصادقه.
وقوله:«للحاجة» اللام يحتمل أن تكون للتعليل، ويحتمل أن تكون للتوقيت، فيحتمل أن يكون المعنى يباح الطلاق إذا احتاج إليه، ويحتمل أن يكون المعنى يباح وقت الحاجة، فتكون للتوقيت.