للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: «اعتدلوا في السُّجود، ولا يبسط أحدُكم ذراعيه انبساط الكلبِ» (١) لكن قال العلماء (٢): يعتمِدُ بمرفقيه على ركبتيه إذا شقَّ عليه طول السُّجود، وهذا إذا كان مع إمام، أما إذا كان يُصلِّي لنفسه؛ فإنه لا ينبغي له أن يكلِّف نفسه ويشقَّ عليها، بل إذا شَقَّ عليه وتعب فإنه يقوم؛ لأن الله يَسَّر على عباده.

وَيَقُولُ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلَى»، ..............

قوله: «ويقول: سبحان ربي الأعلى». أي: حال السُّجودِ يقول: «سبحان ربي الأعلى» وقد سَبَقَ معنى التسبيح، وما الذي يُسبَّح الله عنه، أي: يُنَزَّه عنه (٣).

وأما قوله: «رَبِّي الأعلى» دون أن يقولَ رَبِّيَ العظيم؛ لأن ذِكْرَ علوِ الله هنا أنسب من ذكر العظمة، لأن الإنسان الآن أنزل ما يكون، لذا كان من المناسب أن يُثني على الله بالعلو، وانظر إلى الحكمة والمناسبة في هذه الأمور، كيف كان الصَّحابةُ في السفر إذا علوا شيئاً كَبَّروا، وإذا هبطوا وادياً سَبَّحوا (٤)؛ لأن الإنسان إذا علا وارتفع قد يتعاظم في نفسه ويتكبَّر ويعلو، فمناسبٌ أن يقول: «الله أكبر» لِيُذكِّرَ نفسَه بكبرياء الله ﷿، أما إذا نزل فإن النزول نقص، فكان ذِكْرُ التسبيح أَولى؛ لتنزيه الله ﷿ عن النقص الذي كان فيه الآن، فكان من المناسب أن يُذَكِّرَ الإنسانُ نفسَه بِمَنْ هو أعلى منها.


(١) تقدم تخريجه ص (١٢١).
(٢) «الروض المربع مع حاشية ابن قاسم» (٢/ ٥٦).
(٣) ص (٤٢).
(٤) أخرجه البخاري، كتاب الجهاد، باب التسبيح إذا هبط وادياً (٢٩٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>