للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا الذي قاله الفقهاء لكن ربما يوجد الآن وسائل أدق من هذا يختبر بها ذلك.

قوله: «ونحوه» مثل أن يستأجر طبيب لمداواة مريض، فلما وصل لمداواة المريض وإذا المريض قد مات، فإن الإجارة تنفسخ، ولو كان في البيت مريض آخر فقال الطبيب: مات المريض الذي دعوتموني له فأنا أداوي الثاني ولا تنفسخ الأجرة، فلا يُوافَق؛ لأن المعقود عليه عين المريض وقد فاتت.

لَا بِمَوْتِ المُتَعَاقِدَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا، وَلَا بِضَيَاعِ نَفَقَةِ المُسْتَأْجِرِ وَنَحْوِهِ. وَإِنِ اكْتَرَى دَاراً فَانْهَدَمَتْ، أَوْ أَرْضاً لِزَرْعٍ فَانْقَطَعَ مَاؤُهَا، أَوْ غَرِقَتْ، انْفَسَخَتْ الإِجَارَةُ فِي البَاقِي.

قوله: «لا بموت المتعاقدين أو أحدهما» يعني لا تنفسخ الإجارة بموت المتعاقدين أو أحدهما؛ وذلك لأن المعقود عليه باقٍ، فلو أجر بيته شخصاً ثم مات المؤجر أو المستأجر لم تنفسخ الإجارة؛ لأنها عقد لازم، وكما هو معلوم الناس يستأجرون البيوت وهذا يموت وهذا يولد له، وهكذا، وكذلك لو ماتا جميعاً لم تنفسخ أيضاً؛ لأنهما إذا ماتا انتقل إلى ورثتهما.

وسبق في كلام المؤلف أنه إذا مات الراكب ولم يخلف بدلاً فإنها تنفسخ، والراكب أحد المتعاقدين، فهل نقول: إن في كلامه تناقضاً، أو نقول: إنه مشى فيما سبق على قول، وفي الثانية على قول آخر؟ مشى صاحب الإنصاف على هذا، وقال: إن صاحب المقنع مشى في أول كلامه على قول، وفي الثاني على قول آخر، ولكن عندي أن الجمع بينهما هو أنه في الأول عُيِّن الراكب، قال: أنا أستأجر البعير إلى مكة ثم مات، وهنا المتعاقدان عقدا على شيء معين لا على شخص معين، وحينئذٍ لا تنفسخ الإجارة بموت المتعاقدين أو أحدهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>