قوله:«أو برئه» يعني لو برئ الضرس فإن الإجارة تنفسخ، مثال ذلك: رجل التهب ضرسه وتورَّم، واستأجر طبيباً لقلعه، ثم إن الله ـ سبحانه ـ مَنَّ عليه بالشفاء وزال الورم وسكن الألم فإن الإجارة تنفسخ؛ لأنه قد استأجره لقلع ضرسه من أجل ألمه ومرضه، لا لأنه لا يريد الضرس، فتنفسخ، ولو وقع خلاف بين الطبيب الذي أتى بآلاته واستعد وفرغ زمناً من وقته لقلع هذا الضرس، فقال صاحب الضرس: إنه قد سكن الألم وبرئ، فقال الطبيب: لم يبرأ، فمن نصدق؟ صاحب الضرس بيمينه.
وإذا ادَّعى صاحب الضرس أن الألم قد سكن؛ لأنه علم أن الطبيب سيأخذ أجرة كثيرة، هذا فيه احتمال، لكن ولو كان وارداً فلا نقبله؛ لأن معرفة كونه برئ أو لم يبرأ لا يعلم إلا من جهته، فإذا قال الطبيب: أنا سوف أسقيه ماءً بارداً فإن تغير وجهه، أو شد لحييه عرفنا أنه لم يبرأ وإلا فهو بارئ، فإذا قيل: إن هذا الاختبار يؤدي إلى المقصود اختبرناه، كما قال العلماء في الجنايات فيمن جُني عليه فادعى أنه فقد السمع، ومعلوم أن الرجل إذا جُني عليه حتى فقد السمع، فعلى الجاني دية كاملة مائة بعير، والجاني يقول: أبداً ما فقد السمع وهو يقول: فقدتُ السمع، قالوا: يُختبر بأن يؤتى على غفلة ويصاح به فإن أحس فإنه كاذب في دعواه أنه ذهب السمع، وإن لم يحس فهو صادق، وهذا لا شك أنه من الأسباب التي تدل، ومثله البصر قالوا: إذا ادعى أن بصره فُقد في الجناية فإنه يُختبر، بأن يغتفله إنسان ثم يضع يده عند عينه فإن رمش فهو مبصر وإلا فلا.