ذكر المؤلف ﵀«الجنائز» في كتاب «الصلاة» ولم يذكرها في الوصايا والمواريث؛ لأن الصلاة أهم ما يفعل بالميت، وأنفع ما يكون له، حيث إنه يدعى له فيها.
والجنائز: جمع جنازة، وهي بفتح الجيم وكسرها، بمعنى واحد، وقيل: بالفتح اسم للميت، وبالكسر اسم لما يحمل عليه الميت، فإذا قيل: جَنازة أي ميت، وإذا قيل: جِنازة أي نعش.
وهذا تفريق دقيق؛ لأن الفتح يناسب الأعلى، والميت فوق النعش، والكسر يناسب الأسفل والنعش تحت الميت.
وينبغي للإنسان أن يتذكر حاله ونهايته في هذه الدنيا، وليست هذه النهاية نهاية، بل وراءها غاية أعظم منها، وهي الآخرة، فينبغي للإنسان أن يتذكر دائماً الموت لا على أساس الفراق للأحباب والمألوف؛ لأن هذه نظرة قاصرة، ولكن على أساس فراق العمل والحرث للآخرة، فإنه إذا نظر هذه النظرة استعد وزاد في عمل الآخرة، وإذا نظر النظرة الأولى حزن وساءه الأمر، وصار على حد قول الشاعر:
لا طيب للعيش ما دامت منغصة … لذاته بادّكار الموت والهرم
فيكون ذكره على هذا الوجه لا يزداد به إلا تحسراً وتنغيصاً، أما إذا ذكره على الوجه الأول وهو أن يتذكر الموت، ليستعد له ويعمل للآخرة، فهذا لا يزيده حزناً، وإنما يزيده إقبالاً