للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجواب على ذلك: أن نقول: إنَّ مَنْ حَمِدَ اللَّهَ، فإنه قد دعا رَبَّه بلسان الحال؛ لأن الذي يحمَدُ اللهَ يرجو الثَّوابَ، فإذا كان يرجو الثَّوابَ فإن الثناء على الله بالحَمْد والذِّكر والتكبير متضمِّنٌ للدُّعاء؛ لأنه لم يَحمَدِ الله إلا رجاءَ الثَّوابِ، فيكون قولنا: «استجاب»؛ مناسباً تماماً لذلك.

وقوله: «سمع الله لمن حمده» لا بُدَّ أن يكون بهذا اللفظ، فلو قال: استجاب الله لمن أثنى عليه فلا يصحُّ؛ لأن هذا ذِكْرٌ واجبٌ، فيُقتصرُ فيه على الوارد، ولا بُدَّ أن يكون على هذا الترتيب: «سَمِعَ اللهُ لمَن حَمِدَه» فلو قال: اللهُ سَمِعَ لمن حَمِدَه، لم يصحَّ، ولو قال: لمَن حَمِدَه سَمِعَ اللهُ، لم يصحَّ أيضاً؛ لأن السُّنَّة وردت هكذا، وقد قال النبيُّ : «صَلُّوا كما رأيتموني أُصلِّي» (١) ولأنه ذِكْرٌ واجبٌ فوجب الاقتصار فيه على الوارد.

وَبَعْدَ قِيَامِهِمَا: «رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ، مِلْءَ السَماء، ومِلْءَ الأَرْض، ومِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ» ...........

قوله: «وبعد قيامهما ربَّنا ولك الحمد، ملءَ السماء، وملءَ الأرض، وملءَ ما شئت من شيء بعد».

الضمير: يعودُ على الإِمامِ والمنفرد، أي: بعد قيامهما يقولان: ربَّنا ولك الحمدُ، ملءَ السماء، وملءَ الأرض، وملءَ ما شئت مِن شيءٍ بعدُ.

ولم يذكر المؤلِّف غير هذه الصيغة: «ربنا ولك الحمد» فهل هذا يقتضي أن تكون هي الواجبة؟ يحتمل أن يكون هذا، ويحتمل


(١) تقدم تخريجه ص (٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>