للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذَا حَكَّمَ اثْنَانِ بَيْنَهُمَا رَجُلاً يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ نَفَذَ حُكْمُهُ فِي الْمَالِ وَالْحُدُودِ وَاللِّعَانِ وَغَيْرِهَا.

قوله: «وإذا حَكَّم اثنان بينهما رجلاً يصلح للقضاء» «إذا حكم» أي: جعلاه حكماً، وتحكيم غير القاضي ثابت في القرآن، قال الله تعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا﴾ [النساء: ٣٥] فأصل التحكيم ثابت في القرآن، كذلك عمر وأبي بن كعب تحاكما إلى زيد بن ثابت (١) فحكم بينهما.

وقوله: «وإذا حكَّم اثنان» هذا على سبيل المثال، فلو حَكَّم أربعةٌ رجلاً جاز.

وقوله: «رجلاً» وصف طردي وليس بقيد، فلو حُكمت امرأةٌ، أو حكمت امرأتان امرأةً فإن ذلك لا بأس به، وهو جائز، فلو فرض أن امرأةً عندها علم وأمانة وثقة ومعرفة، فتحاكم إليها رجلان فحكمت بينهما فلا بأس، ولا مانع؛ لأن هذه الولاية ليست ولاية عامة حتى نقول: لا بد فيه من الذكورية، إنما هو رجلان أو خصمان اتفقا على أن يكون الحكم بينهما هذه المرأة، وهذا التحكيم يشبه المصالحة من بعض الوجوه.

وقوله: «إذا حكم اثنان بينهما رجلاً» لو حَكَّم أحدُ الخصمين صاحبه أي: لو أن أحد المدعيين حَكَّم الآخر، أيجوز ذلك أو لا؟

الصحيح: أنه يجوز، وإن كان ظاهر كلام المؤلف عدم الجواز، فلو أن رجلاً ادعى على شخص شيئاً ما، وقال له هذا


(١) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (١٠/ ١٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>