الشخص: حكم نفسك، أنا أرضى أن تحكم لي أو عليّ، فلا مانع.
فإذا قال قائل: إن فيه مانعاً؛ لأن المدعي قد حكم لنفسه بالحق؛ لأنه ادعاه، قلنا: إن الإنسان قد تختلف حاله عند التحكيم عن حاله عند الدعوى، فيدعي على إنسان شيئاً، فإذا قال له: أنا أحكمك، لا شك أنه سيتراجع عن دعواه، إما لكونه يخجل ويستحيي، أو لكونه يخاف الله ﷿، ويهاب الحكم بغير الحق، بخلاف الدعوى، فعلى كل حال لا مانع من أن أحد الخصمين يقول للآخر: أنت الحكم، وإذا جعله حكماً لنفسه أو عليها فلا بأس.
وقوله:«يصلح للقضاء» أي: تتوافر فيه صفات القاضي العشر، فلا يصلح للقضاء إلا من اتصف بتلك الصفات، وهذا الشرط الذي اشترطه المؤلف فيه نظر ظاهر، والفرق بين المُحكَّم والمنصوبِ من قِبل ولي الأمر ظاهر؛ لأن المُحكَّم إنما يحكم في قضية معينة لخصم معين، ليست ولايته عامة حتى نقول: لا بد فيه من توافر الشروط السابقة، أما القاضي المنصوب من قبل ولي الأمر فحكمه عام، يتحاكم الناس إليه سواء حكَّموه أم لم يحكِّموه، فكيف نشترط الشروط العشرة؟! فإذا قال رجلان: نحن نرضى هذا الإنسان وإن كان عبداً، فكيف نقول: لا يصلح للحكم؟!
وإذا قال الخصمان: نحن نرضى أن نحكِّمه، وإن كان أعمى، فما المانع؟!