وإذا قال الخصمان: نحن نرضى أن نحكِّمه ولو كان مقلداً فما المانع؟! لأن غاية ما فيه أنهما رضياه مصلحاً بينهما، أو كالمصلح بينهما، ولهذا نص على هذه المسألة شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀، وقال: إنه لا يشترط في المُحكَّم ما يشترط في القاضي، والفرق بينهما كما ذكرنا: أن الحاكم منصوب من قِبل ولي الأمر فحكومته ولاية، وأما هذا فهو مُحكَّم من قبل خصم معين في قضية معينة، فهو يشبه المُصلح بين خصمين.
قوله:«نفذ حكمه في المال» مثل أن يقول شخص لآخر: في ذمتك لي مائة درهم، والثاني يقول: ليس لك عندي شيء، فرضيا أن يحكم بينهما فلان، فذهبا إليه وحكم بينهما بما تقتضيه الشريعة، فهذا يجوز ويَنْفُذُ الحكم، فإن اتفقا على أن يحكم بينهما فلان، ثم رجع أحدهما عن ذلك وامتنع، وقال: أنا تراجعت عن ذلك، وأريد أن يحكم بيننا القاضي، فهل له ذلك؟
نقول: ينظر في هذا، إن كان المُحكَّم قد شرع في الحكم فإنه لا يحق لأحدهما أن يملك الرجوع؛ لأنه ربما يتراجع إذا تبين له من كلام المُحكَّم أن الحق عليه، أما إذا كان قبل أن يتحاكما، أي: قبل أن يصلا إلى مجلس الحكم فلا بأس في هذا.
قوله:«والحدود» هل هناك حد يكون بين المتخاصمين؟ الجواب: نعم، مثل حد القذف، فإن حد القذف يكون بين المتخاصمين، كرجل قذف رجلاً فادعى عليه المقذوف أنه قذفه، فقال: ما قذفتك، قال: من يحكم بيننا؟ قال: فلان، فذهبا إلى