غارمون، وسبب الغرم الضمان، فنقول: هذا خطأ لا تحسن إلى غيرك وتسيء إلى نفسك؛ فإن هذا ليس من الحكمة.
والضمان من عقود التوثيقات، ففيه توثيق صاحب الدَّين بدينه وقد مر علينا الرهن وسيأتينا ـ إن شاء الله ـ الكفالة من الشهادة، فالأشياء التي تحفظ بها الحقوق: الشهادة، وهذه يستوفى بها الحق، والضمان والكفالة والرهن، وهذه يستوفى منها الحق، فالضمان مما يتوثق به الحق؛ لأنني إذا لم أتمكن من قبضه من المضمون عنه أخذته من الضامن.
قوله:«لا يصح إلا من جائز التصرف»، «لا يصح» الفاعل يعود على الضمان، وجائز التصرف، هو البالغ العاقل، الحر، الرشيد، أي: من جمع أربعة أوصاف:
الأول: أن يكون بالغاً، وضده الصغير، والصغير لا يعطى ماله، حتى وإن كان يحسن التصرف؛ لقول الله ـ تعالى ـ: ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾ [النساء: ٦]، فاشترط الله لدفع المال شرطين:
الأول: ﴿إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ﴾.
الثاني: أن نبصر منهم الرشد، لقوله: ﴿آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا﴾.
والرشد: هو إحسان التصرف في المال، وهو في كل موضع بحسبه، فمثلاً الرشد في الدين استقامة الدين، الرشد في باب الولي في النكاح، معرفة الكفء ومصالح النكاح، والرشيد في العبادات هو الذي قام بالواجبات وترك المحرمات، والرشد